ما أعجب الدهر في تصرفه ** والدهر لا تنقضي عجائبه
فكم رأينا في الدهر من أسد ** بالت على رأسه ثعالبه
وقال علي بن أبي طالب:
الدهر يخنق أحيانا قلادته ** عليك لا تضطرب فيه ولا تثب
حتى يفرجها في حال مدتها ** فقد يزيد اختناقا كل مضطرب
وقال أيضًا:
لا تأمن الدهر الصروف فإنه ** لا زال قدما للرجال يهذب
وكذلك الأيام في غدواتها ** مرت يذل لها الأعز الأنجب
وقال أيضًا:
عجبا للزمان في حالتيه ** وبلاء ذهبت منه إليه
رب يوم بكيت منه فلما ** صرت في غيره بكيت عليه
وقال ابن الرومي:
إن من ساءه الزمان بشيء ** لأحق امرئ بأن يتسلى
وقال أيضًا:
ومن يرجو مسالمة الليالي ** لمغرور يعلل بالأماني
وقال أيضًا:
دهر يشيع سبته أحده ** متتابع ما ينقضي أمده
والحال من سعد يساعدنا ** طورا ونحس معقب نكده
يوم يبكينا وآونة ** يوم يبكينا عليه غده
نبكي على زمن ومن زمن ** فبكاؤنا موصولة مدده
ونرى مكارهنا مخلدة ** والعمر يذهب فانيا عدده
وقال أيضًا:
لا تعجبن للزمان إن كثرت ** منه أعاجيبه ولا ذربه
فالدهر لا تنقضي عجائبه ** أو ينقضي من أهله أربه
وقال أبو الطيب المتنبي:
أتى الزمان بنوه في شبيبته ** فسرهم وأتيناه على الهرم
وقال أيضًا:
ودهر ناسه ناس صغار ** وإن كانت لهم جثث ضخام
وشبه الشيء منجذب إليه ** وأشبهنا بدنيانا الطغام
وقال أيضًا:
قبحا لوجهك يا زمان فإنه ** وجه له من كل قبح برقع
وقال أيضًا:
دون الحلاوة في الزمان مرارة ** لا تختطى إلا على أهواله
وقال عنترة بن شداد:
كم يبعد الدهر من أرجو أقاربه ** عني ويبعث شيطانا أحاربه
فيا له من زمان كلما انصرفت ** صروفه فتكت فينا عواقبه
دهر يرى الغدر من إحدى طبائعه ** فكيف يهنا به حر يصاحبه
جربته وأنا غر فهذبني ** من بعد ما شيبت رأسي تجاربه
وكيف أخشى من الأيام نائبة ** والدهر أهون ما عندي نوائبه
وقال أسامة بن منقذ:
إن فاجأتك الليالي ** بما يسوء فصبرا
والدهر يرهق عسرا ** ويتبع العسر يسرا
لو دام ما ساء منه ** لدام ما كان سرا
وقال أيضًا:
لا تغبطن أهل بيت سرهم زمن ** فسوف يطرقهم بالهم والحزن
يعيرهم كل دنياهم وينهب ما ** أعارهم بيد الآفات والمحن
حتى يروحوا بلا شيء كما خلقوا ** كأن ما خولوه أمس لم يكن
لا يصحب المرء مما كان يملكه ** في ظلمة اللحد إلا خرقة الكفن
يستنزع المال منه ثم يسأل عن ** جمعه يا لها من حسرة الغبن
وقال أيضًا:
مذ بصرتني تجاريبي ونبهني ** خبري بدهري فقدت العيشة الرغدا
كأنني كنت في حلم فأيقظني ** خوفي وآلى على جفني لا رقدا
وقال أيضًا:
لا يؤسفنك ما غال الزمان فما ** يرضى بما غال من وفر ومن مال
وإنما هو بالتدريج ينقلنا ** نقل المخادع من حال إلى حال
وليس يرضى بما دون النفوس وما ** تُفدى إذا غالها حاشاك بالغالي
وقال البحتري:
أرى غفلة الأيام إعطاء مانع ** يصيبك أحيانا وحلم سفيه
إذا ما نسيت الحادثات وجدتها ** بنات الزمان أرصدت لبنيه
وقال أيضًا:
أرى الدهر غولا للنفوس وإنما ** يقي الله في بعض المواطن من يقي
فلا تتبع الماضي سؤالك لم مضى ** وعرج على الباقي فسأله لم بقي
ولم أر كالدنيا حلية وامق ** محب متى تحسن بعينيه تطلق
تراها عيانا وهي صنعة واحد ** فتحسبها صنعي لطيف وأخرق
وقال طرفة بن العبد:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ** ويأتيك بالأخبار من لم تزود
ويأتيك بالأنباء من لم تبع له ** بتاتا ولم تضرب له وقت موعد
وقال أبو العتاهية:
حتى متى نحن في الأيام نحسبها ** وإنما نحن فيها بين يومين
يوم تولى ويوم نحن نأمله ** لعله أجلب اليومين للحين
وقال أيضًا:
إذا أنا لم أقبل من الدهر كل ما ** تكرهت منه طال عتبي على الدهر
وقال الشريف المرتضى:
هو الزمان فلا عيش يطيب به ** ولا سرور ولا صفو بلا كدر
يجني الفتى فإذا ليمت جنايته ** أحال من ذنبه ظلما على القدر
وكل يوم من الأيام يعجبنا ** فإنما هو نقصان من العمر
وقال أيضًا:
هل نحن في الأيام إلا معشر ** صم بلا فهم ولا إفهام
وكأننا فيها نحز جلودنا ** حز المدى لحما على أوضام
نهوى وصال ملولة قطاعة ** ونريد مثوى غير ذات مقام
وأريد لي فيها دواما كاذبا ** ما تم في أحد وأين دوامي
وقال أيضًا:
ومتى تأملت الزمان وجدته ** أجلا وأيام الحياة سقام
نُضحي ونمسي ضاحكين وإنما ** لبكائنا الإصباح والإظلام
ونسر بالعام الجديد وإنما ** تسري بنا نحو الردى الأعوام
في كل يوم زورة من صاحب ** منا إلى بطن الثرى ومقام
وقال أيضًا:
إن هذا الزمان يأخذ منا ** كل يوم خيارنا والخيارا
وأعزاؤنا إذا لم يفوتونا ** صغارا فاتوا وماتوا كبارا
وقال ابن دريد:
من صاحب الدهر لم يعدم مجلجة ** يظل منها طوال العيش منكوبا
وقال العلاء بن قرضة:
إذا ما الدهر جر على أناس ** كلاكله أناخ بآخرينا
فقل للشامتين بنا أفيقوا ** سيلقى الشامتون كما لقينا
وقال الأحنف العكبري:
للدهر إدبار وإقبال ** وكل حال بعدها حال
وصاحب الأيام في غفلة ** وليس للأيام إغفال
والمرء منسوب إلى فعله ** والناس أخبار وأمثال
ما أحسن الصبر ولا سيما ** بالحر إن حالت به الحال
وقال محمد الايبوردي:
تنكر لي دهري ولم يدر أنني ** أعز وأحداث الزمان تهون
فبات يريني الخطب كيف اعتداؤه ** وبت أريه الصبر كيف يكون
وقال ابن خاتمة:
وما أسفي أن مر ما مر فانقضى ** ولكن همي ما بقي من زمانيا
وقال الشريف العقيلي:
الدهر مد وجزر ** والعيش حلو ومر
فافطن لما أنت فيه ** إذا تباله غر
واركض على كل لهو ** له جبين أغر
فليس تقطع سهلا ** إلا ويلقاك وعر
وقال أيضًا:
مالي أرى الدهر لا تحلو مرارته ** للذائقين ولا يصفو له كدر
يجني فإن قال لي قلبي أعاتبه ** عانيت منه وقاحا ليس يعتذر
وقالت الخنساء:
إن الزمان وما تفنى عجائبه ** أبقى لنا ذنبا واستؤصل الرأس
أبقى لنا كل مكروه وفجعنا ** بأكرمين فهم هام وأرماس
وقال هبة الله بن عرام:
كن موقنا أن الزمان وإن غدا ** لك رافعا سيعود يوما واضعا
والطير لو بلغ السماء محله ** لابد يوما أن تراه واقعا
وقال الشافعي:
الدهر يومان ذا أمن وذا خطر ** والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر
وقال أيضًا:
كن سائرا في ذا الزمان بسيره ** وعن الورى كن راهبا في ديره
واغسل يديك من الزمان وأهله ** واحذر مودتهم تنل من خيره
وقال أبو الحسن التهامي:
فالدهر كالطيف بؤساه وأنعمه ** من غير قصد فلا تحمد ولا تلم
لا تحمد الدهر في ضراء يعرفها ** فلو أردت دوام البؤس لم يدم
وقال أيضًا:
ومكلف الأيام ضد طباعها ** متطلب في الماء جذوة نار
فالعيش نوم والمنية يقظة ** والمرء بينهما خيال سار
وقال ابن هانئ الأندلسي:
لا تسلني عن الليالي الخوالي ** وأجرني من الليالي البواقي
وقال محمد الكريزي:
من لم يكن يومه الذي هو فيه ** أفضل من أمسه ودون غده
فالموت خير له وأروح من ** حياة سوء تفت في عضده
وقال أيضًا:
ما الدهر إلا ليلة ويوم ** والعيش إلا يقظة ونوم
يعيش قوم ويموت قوم ** والدهر قاض ما عليه لوم
وقال عدي بن زيد العبادي:
إن للدهر صولة فاحذرنها ** لا تنامن قد أمنت الدهورا
إنما الدهر لين ونطوح ** يترك العظم واهيا مكسورا
وقال النابغة الجعدي:
ولا تأمنوا الدهر الخؤون فإنه ** على كل حال بالورى يتقلب
وقال بهاء الدين زهير:
لا تعتب الدهر في خطب رماك به ** إن استرد فقدما طال ما وهبا
حاسب زمانك في حالي تصرفه ** تجده أعطاك أضعاف الذي سلبا
والله قد جعل الأيام دائرة ** فلا ترى راحة تبقى ولا تعبا
ورأس مالك وهي الروح قد سلمت ** لا تأسفن لشيء بعدها ذهبا
ما كنت أول ممحون بحادثة ** كذا مضى الدهر لا بدعا ولا عجبا
ورب مال نما من بعد مرزئة ** أما ترى الشمع بعد القط ملتهبا
وقال أرطاة بن سهية:
رأيت المرء تأكله الليالي ** كأكل الأرض ساقطة الحديد
وما تبغي المنية حين تأتي ** على نفس ابن آدم من مزيد
وقال الراعي المنيري:
إن الزمان الذي ترجو هواديه ** يأتي على الحجر القاسي فينفلق
ما الدهر والناس إلا مثل واردة ** إذا مضى عنق منها أتى طبق
وقال سعيد بن حميد الحنف:
ومن جرب الأيام أن صروفها ** إذا سر منها جانب ساء جانب
وما مر يوم أرتجي فيه راحة ** فأخبره إلا بكت على أمس
وقال ابن أبي حازم:
خذ من العيش ما كفى ** ومن الدهر صفا
لا تلحن بالبكاء ** وعلى منزل عفا
خل عنك العتاب إن ** خان ذو الود أو هفا
عين من لا يحب وصلك ** تبدي لك الجفا
وقال محمود الوراق:
الدهر لا يبقى على حالة ** لكنه يقبل أو يدبر
فإن تلقاك بمكروهه ** فاصبر فإن الدهر لا يصبر
وقال ابن أبي حصينة:
الدهر خداع خلوب ** وصفوه بالقذى مشوب
فلا تغرنك الليالي ** فبرقها خلب كذوب
وأكثر الناس فاعتزلهم ** قوالب مالها قلوب
وقال هدبة العذري:
ولست بمفراح إذا الدهر سرني ** ولا جازع من صرفه المتقلب
وقال الممزق العبدي:
هل للفتى من بنات الدهر من واق ** أم هل له من حمام الموت من راق
وقال تميم بن المعز:
يا دهر ما أقساك من متلون ** في حالتيك وما أقلك منصفا
أتروح للنكس الجهول مساعدا ** وعلى اللبيب الحر سيفا مرهفا
وإذا صفوت كدرت شيمة باخل ** وإذا وفيت نقضت أسباب الوفا
لا أرتضيك وإن كرمت لأنني ** أدري بأنك لا تدوم على الصفا
زمن إذا أعطى استرد عطاءه ** وإذا استقام بدا له فتحرفا
وقال أبو العلاء المعري:
ثلاثة أيام هي الدهر كله ** وما هي غير الأمس واليوم والغد
وقال أيضًا:
يا دهر يا منجز إيعاده ** ومخلف المأمول من وعده
أي جديد لك لم تبله ** وأي أقرانك لم ترده
وقال أيضًا:
دهر يمر كما ترى فأهلة ** تنمي لتكمل أو بدور تسقم
وتحب أن يثنى عليك بأنك البر ** التقي وأنت صل أرقم
وقال أيضًا:
وما الدهر إلا دولة ثم صولة ** وما العيش إلا صحة وسقام
وقال أيضًا:
رويدك لم تبلغ من الدهر لذة ** إذا لم تعش عيش الغبي المذمم
وتسمع فيه ما يصم ذوي النهى ** فلا روح إلا بالحمام المصمم
وقال أيضًا:
صحبت دهري وسوء الغدر شيمته ** فإن غدرت فإن الدهر أعداني
وقال أيضًا:
والدهر إعدام ويسر وإبرام ** ونقض ونهار وليل
يفني ولا يفنى ويبلي ولا ** يبلى ويأتي برخاء وويل
وقال أيضًا:
كأن الدهر بحر نحن فيه ** على خطر كركاب السفين
بكى جزعا لميته كفور ** فجاء بمنتهى الرأي الأفين
وقال أيضًا:
تأملنا الزمان فما وجدنا ** إلى طيب الحياة به سبيلا
وقال أيضًا:
افهم عن الأيام فهي نواطق ** مازال يضرب صرفها الأمثالا
لم يمض في دنياك أمر معجب ** إلا أرتك مضى تمثلا
وقال أيضًا:
كم أردنا ذاك الزمان بمدح ** فشغلنا بذم هذا الزمان
وقال أحد الشعراء:
وما الدهر إلا سلم فبقدر ما ** يكون صعود المرء فيه هبوطه
وهيهات ما فيه يزول وإنما ** شروط الذي يرقى إليه سقوطه
فمن كان أعلى كان أوفى تهشما ** وفاء بما قامت عليه شروطه
وقال آخر:
ولم أر مثل الدهر مسدي نعمة ** يجود بها عفوا ويأخذها غضبا
إذا كنت عذر الدهر في سوء ما جنت ** يداه فذنب أن تعدله ذنبا
وقال آخر:
الدهر أبلاني وما أبليته ** والدهر غيرني وما يتغير
والدهر قيدني بخيط مبرم ** فمشيت فيه وكل يوم يقصر
وقال آخر:
إذا ما رماك الدهر منه بنكبة ** فهيء لها صبرا وأوسع لها صدرا
فإن تصاريف الزمان عجيبة ** فيوما ترى يسرا ويوما ترى عسرا
وقال آخر:
أحسنت ظنك بالأيام إذا حسنت ** ولم تخف سوء ما يأتي به القدر
وسالمتك الليالي فاعتررت بها ** وحين تصفو الليالي يحدث الكدر
وقال آخر:
إذا أعجبتك الدهر حال من امرئ ** فدعه ووكل حاله واللياليا
يغيرن ما أبصرت من صالح به ** وإن يكن فيما ترى العين آليا
وقال آخر:
زمان يخلط في فعله ** كأن به سكرة العاشق
وخلق إذا ما تأملتهم ** جحدت بهم حكمة الخالق