عند العرب، فجدُّه اتصف بالشرف والرئاسة، أما والده فاتصف بالشجاعة والإقدام، عاش طرفة يتيم
الأب، إلى أن توفي في مقتبل شبابه وهو في العشرينيات من عمره مقتولاً بعد هجائه الملك عمرو بن
هند عام 215هـ.
بينما شعره فامتاز بألفاظه العذبة إلى جانب ألفاظه الغريبة المعقّدة، ويعود سبب ذلك إلى طبيعة
حياته التي بدأ فيها بنظم الشعر منذ طفولته، حيث وصف الطبيعة وجمالها بشاعرية خشنة،
ومن ثمَّ نضج شعره فأخذت ألفاظه تلين، إلى أن اكتملت مراحل نضوجه الشعري فأخذت ألفاظه تقترب
من ذوق البدوي المتحضر، إلى جانب أسلوبه القوي والجزل في تصوير المعاني التي أرادها،
وتنوعت أغراضه الشعرية بين الهجاء والفخر والوصف والحكمة. ونورد مطلع معلقته التي تقول:
لِخَولة َ أطْلالٌ بِبُرقَة ِ ثَهمَدِ، تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليدِ زهير بن أبي سلمي هو زهير بن ربيعة،
من قبيلة مزينة من مضر، وكان يلقب بأبي سلمى، وُلدَ لعائلة شاعرة، فكان والده وخاله وزوج أمه
وأخته وأولاده من الشعراء، إذ إنَّ البيئة التي نشأ بها كانت الأساس في تكوين شخصية زهير
الشاعرية، فجمع إلى جانب الشعر الحكمة وسدادة الرأي، فقد وصفه عمر بن الخطاب بأنَّه أشعر
شعراء العرب، فكان يأخذ من الكلام ما هو خير ويترك حواشيه، فهو سيد قومه اتصف بالحكمة التي
ساعدته أن يشترك في الملاحم الحربية؛ كحرب داعس والغبراء، التي حركت مشاعره بصدق،
كما أنَّ مدحه في أشعاره ساعدته أن يهذب شعره وينقحه لمدة طويلة، فكان من أهم شعراء الحوليات. ومطلع معلقته المشهورة تقول:
أَمِن أُمِّ أَوفى دِمنَةٌ لَم تَكَلَّمِ بِحَومانَةِ الدُرّاجِ فَالمُتَثَلَّمِ الحارث بن حلزة هو أبر عبيدة الحارث بن حلزة بن مكروه، وهو سيد من سادات قبيلة بكر في العراق، فكان الحارث شاعراً مجيداً خبيراً بقول الشعر، وقيل إنَّه نظم معلقته بسبب أنَّ عمرو بن هند قد جمع قبيلة بني تغلب وبني بكر بعد حرب البسوس للإصلاح بينهما، وأخذ رهناً من كل قبيلة مئة غلام ليكف بعضهم عن بعض، فكان هؤلاء الرهن يغزون مع الملك إلى أن هلك غلمان بني تغلب وسلم البكريون، فطالب التغلبيون بدية غلمانهم إلا أن قبيلة بكر رفضت، فاجتمعوا عند الملك عمرو بن هند الذي كان يؤثر بني تغلب، فقام بعدها الحارث بن حلزة يقول قصيدته من وراء حجاب لأنَّ به برص، وكان عمرو بن هند لا يحب أن يرى أحدتً به سوء، وبعدها استدرج الحارث الملك عمرو بن هند إلى أن يحكم لقومه، وبها قضى عمرو لبكر على تغلب، وكانت مطلع قصيدته:
آذَنَتْنَا بِبَينِهَا أَسْماءُ رُبَّ ثاوٍ يُمَلُّ مِنْهُ الثَّوَاءُ عمرو بن كلثوم هو أبو الأسد عمرو بن كلثوم التغلبي، تعد أسرته من سادات تغلب، فوالده كلثوم وأمه ليلى بنت المهلهل، فنشأ في بيت من جاهٍ وحسبٍ وسلطان، وبعد وفاة والده صار عمرو سيد قومه ولم يكن قد بلغ السادسة عشر من عمره بعد، كان عمرو بن كلثوم شاعراً موهوباً لكنه اعتبر من المقلين، وعاش طويلاً حتى مات في سنة 600م، بينما شعره فيمتاز بالأسلوب السلس والارتجال، بالإضافة إلى المبالغة الشديدة في الفخر التي لم يكتب مثلها في الشعر الجاهلي، وهو صاحب المعلقة السابعة المشهورة التي تعتبر من أفضل ما جادت بها قريحة الشعراء، وقد نظمها بسبب ما كان بينه وبين عمرو بن هند من خلاف، ومطلعها:
أَلاَ هُبِّي بِصَحْنِكِ فَاصْبَحِيْنَـا وَلاَ تُبْقِي خُمُـوْرَ الأَنْدَرِيْنَـا عنترة بن شداد هو عنترة بن شداد بن عمرو بن معاوية بن قراد العبسي، وهو من نجد، وكان يلقب بعنترة الفلحاء، أما أمه فكانت حبشية، فلم يعترف به قومه، فنفاه والده لأنَّ العرب في الجاهلية لم تعترف بمن ولِدَ من أمّه، وبعد أن كبر استدعاه والده واعترف به. اعتبر عنترة من الشعراء الفرسان، فكان بجانب شدَّة بطشه طيب القلب سهل الأخلاق، واشتهر بقصة حبه لابنة عمه عبلة بنت مالك، الذي كان يهواها ويذكرها كثيراً في أشعاره، وقيل إنَّه تزوجها بعد جهدٍ وعناء. إذ يقول في مطلع قصيدته:
هلْ غادرَ الشُّعراءُ منْ متردَّم أم هلْ عرفتَ الدارَ بعدَ توهمِ لبيد بن ربيعة هو لبيد بن ربيعة من بني عامر بن صعصعة، ينتمي إلى قبيلة مضر، وهو شاعر بدوي شجاع، أدرك الإسلام فأسلم، وقد قال الكثير من الأشعار قبل إسلامه في كل غرض، إلى أن أسلم فهجر الشعر، عاش لبيد في الكوفة إلى أن مات فيها سنة 41هـ، ويعتبر من أصحاب المعلقات، فبرع في شعر الرثاء وتصوير العواطف الحزينة بأسلوبٍ مؤثر، وقد قال به النقاد إنَّه أفضل شعراء الجاهلية والإسلام، وأقلُّهم لغواً.[٣] الأعشى الأكبر هو أبو بصير ميمون بن قيس البكري، ولقبه الأعشى لأنَّه كان ضعيف البصر، ولد عام 530 بقرية تسمى اليمامة، وعرف عنه بإدمانه الخمر والمقامرة، فنشأ فقيراً، فراح يعمل على التكسُّب من شعره، فمدح الملوك والأمراء، حتى صار الناس يتنافسون للتودد إليه ليمدحهم ويرفع من شأنهم، أما شعره فقد أكثر في غرض المدح وكان له في الغزل والوصف والخمر قصائد، ومن أشهر قصائده اللامية التي عُدَّت من المعلقات.
عبيد بن الأبرص
هو عبيد بن الأبرص بن عوف الأسدي، وهو من قبيلة مضر، اشتهر بذكائه وحكمته، فكان له شأن عند قومه لما عرف به من خصال في المروءة والشجاعة والدهاء، وكان عبيد من الشعراء المقربين من الكندي فقال فيه الشعر، والجدير بالذكر أنَّ عبيد بن الأبرص قد قتل على يد المنذر بن ماء السماء الذي جعل في حياته يوم نعيم ويوم بؤس، ففي يوم النعيم يهب لمن يختاره المال الكثير، أما في يوم البؤس يقتل فيه من يمر به، فكان عبيد ممن كان مرورهم في ذلك سبب في موته عام 544.
النابغة الذبياني
هو أبو أمامة زياد بن معاوية، وهو من ذبيان، كان يلقب بالنابغة لروايات اختلف النقاد على صحتها، فربما يرجع سبب هذا اللقب إلى تقدير العرب للذين يتفوقون بصفاتهم الذاتية وليست الوراثية. وُلِد النابغة الذبياني في إحدى ضواحي نجد، حيث نشأ في بيئة صحراوية كانت لها أثر في تكوين شخصيته، حيث كان له شأن عند قبيلته يقودهم ويرشدهم في الحروب بحكمة، وهو صاحب المعلقة الشهيرة التي تعتبر من أشهر اعتذارياته، والتي تعد من المعلقات.