حواديت جميلة للاطفال قبل النوم .. قصة الامير بهلول والاميرة المتكبرة

حواديت جميلة للاطفال قبل النوم .. قصة الامير بهلول والاميرة المتكبرة

حواديت جميلة للاطفال قبل النوم .. قصة الامير بهلول والاميرة المتكبرة , في زمنٍ بعيدٍ وفي مملكةٍ قديمةٍ جداً عاش ملكٌ في قصرٍ فاخرٍ بصحبة ابنتهِ الأميرة، والتي كانت

فائقة الجمال، فكان شعرها الناعم كالحرير ذهبي اللون، وأمّا عيناها فكانتا زمردتان متلئلئتان.. كان

جميعُ من في المملكة ينظرون إليها بإعجابٍ شديد، ولكن وللأسف كانت بها صفة بشعة جداً..

كانت الأميرة الجميلة مُعجبةً جداً بنفسها ومغرورة إلى حدٍ كبير، ولا يُعجبها شيءٌ أبداً، ولا يرضيها أي

أحد.

رغب عددٌ من أمراء الممالك المجاورة الزواج منها، ولكن هيهات !.. فغرورها كان سبباً في رفضهم

جميعاً، فللأمير هذا وجهٌ قبيح، ولذاك النبيل أنفٌ ضخم، ولهذا الفارس عينان صغيرتان.. وكان جميع

الحضور يضحكون بهستيرية على كلام الأميرة، وما كان من الأمراء والنبلاء إلا الانسحاب بصمتٍ وهم

غاضبين.

وأخيراً، تقدّم لخطبتها الأمير “بهلول”.. وكان أميراً فاحش الثراء قوي السلطة، حسن الهيئة، وكان شاباً

شجاعاً، وظنّ بأنّها لن ترفضه.. ولكن كان الرفض هو الرد المعتاد للأميرة أيضاً مع الأمير “بهلول”،

وأدرات له ظهرها وتركته وعادت لغرفتها في موجةٍ من الخجل الشديد أمام جميعِ بلاطِ القصر.

أزعج الملكُ الأبُ هذا التصرف السيء من ابنتهِ التي أحرجت الأمراء وتسبّبت في مشاكل كثيرة من

الممالك المجاورة.. ولهذا فلقد قرّر الملكُ أن يُؤدّبها ويُزوّجها بأول متسولٍ يدخلُ القصر.

ولم تمضِ أيامٌ قليلة حتّى وطئت قدما أحد العازفين على القيثارة بلاط القصر، وعزف للملك وحاشيته

أروع المعزوفات، وطلب حسنةً من الحضور، وهنا صاح الملكُ طالباً ابنتهُ وقال للعازف المسكين :

“أيُّها الشاب ! هذه ابنتي الأميرة أهبك إيّاها زوجةً ورفيقةً لك، احملها معك لبلادك، وارحل هذا المساء

دون تأجيل، وابذل معها ما تملك لتتغلّب على غرورها هذا”.

وبهذه الطريقة الحكيمة، غادرت الأميرة قصر والدها، وأُجبرت على اللاحاق بزوجها الى بلاده البعيدة،

مشت الأميرة مسافاتٍ طويلة على قدميها، فزوجها العازف كان فقيراً مُعدماً لا يملك أن يشتري لها

جوادا تركبه.. تعثّرت وتعثّرت وتمزّق حذائها، ووقعت في كثيرٍ من الحفر، وكان زوجها يأمرها بأن تتحرّك

بشكلٍ أسرع..

مرّوا في طريقهم بمراعي خضراء شاسعة، فسألت زوجها قائلةً : “لمن تلك المراعي الكبيرة الغنية ؟”.

فأجابها قائلاً : “إنّ كلّ ما ترينهُ هنا هو للملك “بهلول”..!”.

سقطت من عينيها دموعُ الحزن والندم حينما سمعت ذلك الكلام من زوجها الفقير، فهي من رفضت

ذلك الأمير الغني بحججٍ بالية.

مشى الاثنين أيامٍ وأيامٍ دون توقف، حتّى أنّه كلما حاولت الاميرة ان تتوقف قليلاً كان زوجها يدفعها بيده

للأمام قائلاً : “عليكي أن تعلمي بأنّك زوجة عازفٍ فقيرٍ مُعدم.. ويجبُ أن تعتادي هذه المشقّة..

هيا عجّلي .. عجّلي.. لا أتقبلُ الكسولين”.

عانت الاميرةُ المغرورةُ الكثيرَ والكثير.. فقد ضعُفَت قوتها، وتقرّحت رجليها الناعمتين، واختفى وجهها

الجميلُ خلف الغبار، ولم تُفارق الدموع عينيها منذُ أن غادرت قصر أبيها.

وفي سيرهما، مرّا بجوار حقولِ قمحٍ كبيرة، فسألت الاميرةُ زوجها عن مالك تلك الحقول، فأجابها :

“كما أخبرتُك سابقاً، كُلُّ تلك الحقول هي ملكٌ للملك بهلول”.

بدأت الحسرة تظهرُ على وجه الأميرةِ المسكينة والنّدمُ يُعذّبها بفعلتها بالأمير بهلول، وحدّثت نفسها :

“أيُّ ذنبٍ ارتكبت، لو تزوّجتُ ذلك الأمير لكنتُ سيّدةَ هذه الأراضي كلّها !”.

لم يبق مكانٌ لم يمر به العازفُ الفقير هو وزوجته.. حقول .. وغابات.. وأقدامٌ تتخبّطُ بالحجارة وتنزلقُ

في الوحول، إلى أن وصلا لمروجٍ خضراء واسعة، ترعى بها الماشية والماعز والبقر وحتّى الغنم، غير

الجياد الجميلة التي تجري في الفضاء السحيق في صورةٍ أقربُ للخيال من الحقيقة، فسألت زوجها :

“ياتُرى، لمن هذه المروج أيضاً ؟”.

أجابها بنبرة غضبٍ قائلاً : “الأميرُ بهلول، هل فهمتي، كُلّها للأمير بهلول !”

تنفّست الأميرةُ الصُّعَداء وتنهّدت من أعماق أعماق قلبها حسرةً وحزناً على ما ارتكبتهُ من خطأٍ جسيم،

وقالت لزوجها بصوتٍ أصابهُ التعب وحلّ عليه اليأس : “يا ليتني قبلتُ بالأمير بهلول هذا زوجاً لي، لكنتُ

الآن في أفخم القصور ولا أعيشُ هذه العيشة !”.

ولم تكمل كلامها حتّى ارتمت أرضاً من التعب فوق كومة من القش، فجذبها زوجها بقوةٍ من معصمها

وهو يقول : “إيّاكِ ثمّ إياك أن تنطقي اسم هذا الأمير على لسانك مرةً أخرى.. أنا زوجك الآن وعليك

اظهار الاحترامِ لي”.

وأخيراً وبعد مسيرة عشرةِ أيّامٍ بلياليهنّ، وصلا إلى كوخٍ بغابةٍ كثيفة، فضربهُ بقدمهِ فانفتح الباب، ونظر

لها، ثم قال : “هيّا ادخلي، هذا بيتنا.. وفيه سنعيش”.

نظرت الأميرةُ للكوخ والدموع تتساقطُ في صمتٍ لم يسبق لهُ مثيل، ودخلت وطلب منها الزوجُ أن عدّ

طعام العشاء، وكان لابد للأميرة أن تقطع الحطب بعد أن تقوم بجمعهِ من الغآبة، وأشعلت النار وأصابت

شعلة خصلةً من شعرها الذهبي.

وحينما انتهت من إعداد الطعام وقدّمتهُ لزوجها لم يجدهُ جيّداً، كما بل كان كثير الملح ومحروقاً أيضاً.

ثم بكت الأميرةُ كثيراً في تلك الليلة.. وغلبها النعاس وهي على تلك الحال حتّى أيقظها زوجها في صباح

اليوم التالي لتُعدّ له طعام الإفطار، وطلب منها أن تعتني بالبيت في غيابه.. كما فجهّزت طعام الغداء

ونظّفت البيت وغسلت الثياب.

وعاد العازفُ إلى بيته وقد أحضر معهُ الخيوط لتنسجها زوجته، لكي يبيع منها في السوق ويعيش من

ذلك المال، ولكن ما قدّمتهُ الأميرة كان سيئاً جداً ولا يمكن حتّى بيعه، فوبّخها كثيراً وتركها ورحل..

وفي صباح اليوم التالي، عاد للبيت ومعه مجموعة من الاواني الفخارية، وأمرها أن تأخذها وتذهب بها

إلى السوق لتبيعها بنفسها..وبالفعل، كانت تبيع ما معها من الأواني في السوق، ثم تعودُ مسرعةً

لتقوم بأعمال الكوخ.

وفي السوق وذات يومٍ، أقبل أحد الفرسان الملثّمين، وكان مسرعا، فحطّم ما مع الأميرة من أوانٍ

فخارية.. فأصابها اليأسُ واضطرت لأن تضاعف من انتاجيتها، فقام زوجها بإرسالها لتعمل خادمةً في

مطبخ قصر الأمير.

قضت الأميرةُ أصعب فترةٍ في ذلك المطبخ، فكانت لا تتوقف عن العمل لأن ولي العهد قد اقترب موعدُ

زفافهِ وكان جميعُ من في القصر في حركةٍ مستمرة ويعلمون بجدٍ ونشاط.

وذات يومٍ، خرجت الأميرةُ لتشاهد كِبَرَ تلك الحفلة التي ستقامُ قريباً، أو ولكنّها تذكّرت قصر أبيها الفخم

وندمت كثيراً على أخلاقها السيئة والتكبر والغرور الذي أودى بها لهذا الحال.

وفيما هي على هذا الحال، إذ بولي العهد نفسه يدخل غرفة المطبخ حيث تقف.. كما وتعرّفت عليه على

الفور، إنّه الأمير “بهلول”..وتقدّم الأميرُ منها وأمسك يديها، فخافت الأميرة وحاولت التخلّص منه.

ثم فنظر الأميرُ لها وقال لها بهدوء : “لا تخافي ياعزيزتي ! كلّ ما أردتهُ هو أحطّم كبريائك وغرورك، أنا هو

زوجك عازف القيثارة، وأنا أيضاً الفارس الذي حطّم الأواني في السوق، كما وما أن أحسست بأنّكِ قد

تخلّصتِ من هذا الكبرياء، حتّى قرّرتُ أن أحتفل بعرسنا هذا المساء”.

ثم لم تصدّق الأميرة ما تسمع، وأقسمت للأمير “بهلول” بأنّها شفيت تماماً من غرورها، وأمر الأمير على

الفور بثوبٍ من الحرير مطرّز بأفخم الجواهر في المملكة، كما ووضع على شعرها الذهبي تاجا مرصّعاً

بالجواهر الثمينة.

دامت تلك الحفلة الأُسطورية ثلاثة أيامٍ بلياليهنّ، وكان الأمير يراقب الأميرةَ كما وهي تعامل الجميع برفقٍ

ولين، وتحوّلت الأميرة إلى جميلةٍ في أخلاقها كما هي جميلةٌ في شكلها. الامير بهلول والاميرة المتكبرة

السابق
اجمل قصص خيالية قصيرة للاطفال .. قصة الصيّاد وزوجته الطمّاعة
التالي
قصة العجوز وضيوفها الثلاثة

اترك تعليقاً