الشعر في العصر المملوكي

الشعر في العصر المملوكي

الشعر في العصر المملوكي

الشعر في العصر المملوكي .. لقد كان الشعر موجودا منذ القدم ولكل عصر المنهج الخاص به في الشعر

ولكل عصر شعراء مشهورين، يشتهرون بأعمال كثيرة تؤدي إلى ازدهاره

بدأ عصر المماليك بنشوء دولة المماليك في مصر والتي نشأت على يد المماليك الذي استعان بهم صلاح الدين الأيوبي وذلك بعد القضاء على الدولة الأموية

ثم  امتدت هذه الدولة من مصر لتشمل بلاد الشام واليمن والحجاز، وحدثت فيها تغيرات علمية وأدبية كبيرة؛ إذ ظهر فيها مدارس دينية وعلمية وبرز فيها عدد من العلماء والمفكرين والمفسرين أمثال ابن تيمية وابن حجر العسقلاني والذهبي وابن كثير وغيرهم، كما كان للشعر آثار ما زالت تذكر للآن

الشاعر أبو الحسين الجزار

اسمه الكامل هو يحيى بن عبد العظيم بن يحيى بن محمد الجزار المصري ، وهو احد الشعراء الذين يملكون حرف اخرى
ثم توفي في عام ٦٧٢ هجريا اي ١٢٧٣ ميلاديا  ، غير كتابة و ألقاء الاشعار

وهو يمتلك ثلاثة اصدقاء
و هم شعراء ايضا و هما الجزار ، و السراج ، و الحمامي
  ثم ان هؤلاء الشعراء كانوا يتطارحون مع بعض في الشعر  ، وبسبب القابهم ، و صنائعهم

ثم استطاعوا ان يتوفقوا في النظم التورية .

من قصائد أبو الحسين الجزار ؛

قصيدة  لحَى اللَه أيا ما مضت في بطالة

لحَى اللَه أيا ما مضت في بطالة

وما فزتُ من قبر النبيّ بسُولِ

لقد ضاع عمرٌ لم أكن فيه واصلاً

إلى خير مبعوث وخير رَسُول

لك الخير يا خيرَ النبيينَ كُلهِّم

ومن فضله لم يفتقر لدَليلِ

لبَابُكَ يومَ الخوفِ أعظمُ مأمنٍ

الباخرزي

اسمه الكامل هو علي بن الحسن بن علي بن ابي الطيب الباخرزي ،  ابو الحسن
  وهو من اهل باخزر و هي مدينة تقع في نواحي نيسابور ، و هو احد ادباء شعر الكتاب
ثم قام الباخرزي  برحلة طويلة و واسعة شملت بلاد فارس و العراق ، توفي عندما تم قتله في مجلس انس بياخزر .

من اهم قصائد الباخرزي ؛

قصيدة  علي زمان الربيع

عليّ زمانُ الرّبيع

ولا العيشُ حلوٌ ولا الكأسُ مُرّ

فأفلاكُه بعنادي تَدورُ

وأخلافُه بخلافي تَدرِ

أجَرَّعُ من شَرْيِهِ ما يسوءُ

وأُحرَمُ من أَرْيِهِ ما يَسُر

وأَشربُ من مُقلتي ما يَضيرُ

وآكلُ من كبدي ما يَضرّ

ودَمعي كالبحرِ طامي العُبابِ

الشريف المرتضى

هذا الشاعر من احفاد الحسين بن علي  بن ابي طالب  ، و اسمه الكامل هو  علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم
أبو القاسم ،  و لد و توفى في بغداد هو نقيب الطالبيين  و ايضا هو احد الأئمة في علم الكلام ، و الشعر ، و الآداب
ثم ان له عدة تصانيف و من أهمها  (إنقاذ البشر من الجبر والقدر – ط) ، و (الشهاب في الشيب والشباب – ط) ، و (تنزيه الأنبياء – ط) ، و قام ايضا بجمع نهج البلاغة . 

من اشهر قصائد الشريف المرتضى ؛

قصيدة  أماوي إن كان الشباب الذي انقضت

أَماويُّ إِنْ كانَ الشبابُ الَّذي اِنقَضَت

لَياليهِ عَنّي شابَ مِنكَ صَفاءا

فَما الذّنبُ لي في فاحمٍ حالَ لَونهُ

بَياضاً وَقَد حالَ الظلامُ ضِياءا

وَما إِنْ عَهِدنا زائلاً حانَ فقدُهُ

وَإِنْ كانَ مَوقوفاً أَزال إِخاءا

وَلَو كانَ فيما يُحدثُ الدَّهرُ حيلةٌ

أَبَيْتُ عَلى هَذا المَشيبِ إِباءا

فَلا تُنكري لَوناً تَبَدّلتُ غَيرَه

عمر الخيام

هو شاعر و فيلسوف فارسي ، اسمه الكامل هو عمر بن إبراهيم الخيامي النيسابوري، أبو الفتح
من اهل نيسابور ولد وتوفى بيها ،  بالإضافة الى إتقانه بالشعر
ثم انه كان ايضا عالم بالفلك ، و الرياضيات ، و الفقه ، و التاريخ و اللغة ، له عدة اشعار عربية ، و تصانيف عربية .

و لكن لم يتبقى من كتبة الا رسائل  ، و من اشعاره (شرح ما يشكل من مصادرات إقليدس – ط) ، (الاحتيال لمعرفة مقداري الذهب والفضة في جسم مركب منهما – خ) .

اشهر قصائد عمر الخيام ؛

قصيدة  زجيت دهرا  طويلا في التماس أخ

زجيت دهراً طويلاً في التماس أخ

يرعى ودادي إذا ذو خلةٍ خانا

فكم ألفت وكم آخيت غير أخٍ

وكم تبدلت بالإخوان إخوانا

وقلت للنفس لما عز مطلبها

بالله لا تألفي ما عشت إنسانا

الغزالي

و هو محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي، أبو حامد ، و حجة الأسلام متصرف ، و فيلسوف يمتلك تقريبا مائتي مصنف ، و لد و توفي في الطابران
ثم مر برحلة طويلة بدأت من نيسابور ثم الى بغداد ، و الحجاز ، و بلاد الشام ، و مصر .

و من كتبه  (معارج القدس في أحوال النفس – خ) ، (جواهر القرآن – ط) ، و (التبر المسبوك في نصيحة الملوك – ط) ،  (الدرة الفاخرة في كشف علوم الآخرة – ط)  .

من اشهر قصائد الغزالي ؛

قصيدة  بنور تجلى  وجه قدسك دهشتي

بنور تجلى وجه قدسك دهشتي

وفيك على أن لا خفا بك حيرتي

فيا أقرب الأشياء من كل نظرة

لأبعد شيء أنت عن كل رؤية

ظهرت فلما أن بهرت تجليا

بطنت بطوناً كاد يقضي بردتي

فأوقعت بين العقل والحس عندما

خفيت خلافا لا يزول بصلحه

إذا ما أدعى عقل وجودك من

ابن خلدون

اسمه الكامل هو عبد الرحمن بن محمد بن محمد، ابن خلدون أبو زيد ، ولي الدين الحضرمي الإشبيلي ، من ولد وائل بن حجر ، و هو فيلسوف و مؤرخ ، اصلة من إشبيلية
و لد و نشأ في تونس، ورحل فيما بعد الى غرناطه ، و فارس و الأندلس و تلمسان

ثم بعدها توجه الى مصر ، و من اشهر كتاباته (التعريف بابن خلدون، مؤلف الكتاب، ورحلته غرباً وشرقاً – ط) .

قصيدة  اسرفن في هجري و تعذيبي لأبن خلدون ؛

أسرفن في هجري وفي تعذيبي

وأطلن موقف عبرتي ونحيبي

وأبين يوم البين وقفة ساعة

لوداع مشغوف الفؤاد كئيب

لله عهد الظاعنين وغادروا

قلبي رهين صبابة ووجيب

غربت ركائبهم ودمعي سافح

فشرقت بعدهم بماء غروب

ابو اسحاق الالبيري

و هو شاهر اندلسي اصله من اهل حصن العقاب ، اسمه الكامل هو إبراهيم بن مسعود بن سعيد، أبو إسحاق التجيبي الإلبيري ، اشتهر جدا في غرناطة
ثم تم نفيه الى إلبيرة لان انكر ملكها ، و تمتاز اشعاره بالحكم و الموعظة ، و من اهم قصائده ؛

قصيدة  مَن لَيسَ بِالباكي وَلا المُتَباكي لأبو اسحاق الالبيري ؛

مَن لَيسَ بِالباكي وَلا المُتَباكي

لِقَبيحِ ما يَأتي فَلَيسَ بِزاكِ

نادَت بِيَ الدُنيا فَقُلتُ لَها اِقصِري

ما عُدَّ في الأَكياسِ مَن لَبّاكِ

وَلَمّا صَفا عِندَ الإِلَهِ وَلا دَنا

منهُ اِمرُؤٌ صافاكِ أَو داناكِ

مازِلتِ خادِعَتي بِبَرقٍ خُلَّبٍ

وَلَو اِهتَدَيتُ لَما اِنخَدَعتُ لِذاكِ

الطغرائي

اسمه الكامل  هو الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد، أبو إسماعيل، مؤيد الدين، الأصبهاني الطغرائي
و هو شاعر و من وزراء الكتاب  ، ولد في الصبهان ، و كان يلقب بالأستاذ
ثم انه كان مشهور بالفضل و العلم ، و من اهن كتبه كتاب (الإرشاد للأولاد – خ) .

قصيدة  يا ايها المولى الذي اصطنع الورى للشاعر الطغرائي ؛

يا أيها المولَى الذي اصطنَعَ الورى

شرقاً وغربَا

والمستعانُ على الزمان إِذا اعتَرى

وأجدَّ حربا

أقسمتُ بالبُزْلِ النوافحِ في البُرَى

قوداً وقبَّا

واصلنَ نحوَ البيتِ بالسير السُّرَى

يحملن رَكْبا

يُرضيهمُ بعدَ الصدى وِرْدُ الصَّرَى

رِفْهَاً وغِبَّا

لقد ابتنيتَ المُلكَ مرفوعَ الذُّرَى

بكَ مستتبَّا

وتركتَ دينَ اللّه مشدودَ العُرَى

بُعْداً وقُرْبَا

وضَمِنْتَ للدنيا ومن فيها القِرَى

وكشفتَ جدبَا

مدح النبي في عصر المماليك

تعرف قصيدة مدح النبي على أنها القصيدة التي تذكر فيها فضائل الرسول عليه الصلاة والسلام ومحاسنه وأخلاقه
وتفتخر به بأسلوب شعري يناسبها، وقد تميّز هذا اللون في العصر المملوكي واشتهر به بعض الشعراء
ثم تتميز قصائد مدح النبي بأنها قصائد صادقة تعبر عن حب نقي ومشاعر صادقة وارتباط روحي
وليس فيها تملّق ومصالح شخصية وأهداف كما ببعض قصائد المدح الأخرى
لعل أشهرها القصيدة المعروفة باسم “البردة” للشاعر البوصيري الذي عاش في تلك الفترة
ثم تحتوي هذه القصيدة على مواضيع مختلفة من حياة النبي، وفيها 160 بيتًا شعريًا زاد عليها بعض الشعراء فيما بعد
وتقول بعض أبيات القصيدة:

“مولاي صلي وسلم دائماً أبدا علـــى حبيبك خير الخلق كلهـم أمن تذكر جيرانٍ بذى سلم مزجت دمعا جَرَى من مقلةٍ بـــــدم َمْ هبَّت الريحُ مِنْ تلقاءِ كاظمةٍ وأَومض البرق في الظَّلْماءِ من إِضم فما لعينيك إن قلت اكْفُفاهمتا وما لقلبك إن قلت استفق يهم أيحسب الصب أن الحب منكتم ما بين منسجم منه ومضطرم لولا الهوى لم ترق دمعاً على طللٍ ولا أرقت لذكر البانِ والعلمِ فكيف تنكر حباً بعد ما شهدت به عليك عدول الدمع والسقمِ”

ثم بالرغم من اشتهار هذه القصيدة، إلا أنها لاقت بعض الهجوم؛ لأن البعض رأى ببعض الأبيات تغييرًا لمقصد القرآن
ولجوء للرسول بدلًا من الله، مثل قول الشاعر: “يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم”، وغيرها

السير الشعبية

سيرة سيف بن ذي يزن هي سيرة شعبية خيالية تروي حكاية سيف بن ذي يزن الملك اليمني الذي طرد الأحباش من اليمن.

لا تتردد سيرة سيف بن ذي يزن – منذ صفحاتها الأولى- عن الإشارة إلى أن المهمة الأولى لبطلها هي إحضار كتاب النيل، الذي هو في بلاد الأحباش، لأنه باستيلاء هؤلاء على هذا الكتاب فقد حجزوا النيل عن مصر!. ورغم أن الملك سيف هو من أواخر ملوك حمير التاريخيين في اليمن قبل الإسلام فقد استغل الراوي الشعبي دلالة صراعاته في حروب اليمنيين مع الأحباش، ليجعله رمزاً للقلق المصري في القرن الرابع عشر من رسالة ملك الأحباش إلى سلطان مصر المملوكي قائلًا “إن” نيل مصر الذي هو قوام أمرها وصلاح أحوال سكانها، ومجراه من بلادي، وأنا أسدُها…”! مؤكدا لغة التهديد التي ردت عليها السيرة الشعبية الطويلة بذكر حروب استمرت لبضع عقود بقيادة سيف بن ذي يزن…، ولم يكن سيف نفسه مصرياً بالطبع لكنه عين ابنه “مصر” سلطاناً على بلاد النيل وسماها باسمه على عادة علاقة “الخلافة” بالأقاليم في ذلك العصر المملوكي. أو كما يسميها بعض الباحثين بعولمتنا المبكرة لها. ها هي المشاعر المصرية تعود إلى حدتها في التوتر حول مياه النيل وكأننا في رحاب سيرة “بن ذي يزن”.

لم تكن السيرة عند إنشائها بعيدة عن عصر “التصارع الصليبي” بين الغرب والمنطقة؛ في إطار تلك العولمة المبكرة
وها نحن في شبه حروب ننكر عليها الصليبية بالطبع، لكنها ليست بعيدة عن تلك العولمة المبكرة، مع فارق واضح
ثم أن الحروب تلك انتجت صلاح الدين، وجعلت شخصية سيف بن ذي يزن تصول وتجول على شواطئ البحر الأحمر، وتحمل أخبار التوحيد ورؤاه في اليمن وخارجها؛ حيث “مصر” “وادي النيل” “ودامر” أو “تدمر” في الشام ، وهما في السيرة اسمان لولدي ملك واحد هو سيف بن ذي يزن.

والسيرة مليئة بآفاق الإحساس بالحبش الأفارقة، وبأهل مصر المسلمين، ولا أدري كيف نصف ذلك الآن في نزاع ستمتد آثاره إلى مجمل الجماعة “الأفريقية” و”العربية” بالتأكيد، وعلى نحو يختلف أو يتفق مع ما تحفظه الذاكرة الشعبية.

وإذا كان “سلطان المحروسة” المملوكي قديماً قد أقلقته توسعات سيف رعد الإثيوبي في بلاد اليمن زمن السيرة الصليبية، أفلا يقلق سلاطين العرب الحاليين جميعا، امتدادات الإثيوبيين مثلًا، ومنذ مدة تجاه جنوب السودان، ثم تدخلهم العسكري المباشر في الصومال “العربية” وحربهم الضروس مع إريتريا وعدم تطبيقهم لقرارات الأمم المتحدة بشأن الحدود معها، وما بدأ مؤخراً من جاذبية المياه الإثيوبية والأراضي السودانية معاً لاستثمارات البنك الدولي، والصين وتركيا وكل من هب ودب في أراضي “كتاب النيل” الذي كلف الضمير الشعبي سلطانه من أول صفحات السيرة الشعبية ليذهب ويستعيده من الأحباش؟ إنني لا أشارك في صيحات الحرب بالتأكيد، ولكني أشير إلى أهمية دراسة منضبطة لعناصر الموقف داخلياً وخارجياً بالنسبة لوضع المياه في استراتيجية التنمية، والتي يصل البعض إلى إمكان تجاوزها بالتصنيع وإعادة التخطيط دون هذا الضجيج! والرواية الشعبية لسيرة سيف بن ذي يزن، تقول إن هذا السلطان حاصر الموقف بوجوده القوي في مصر والشام واليمن، فهل ثمة درس من هذه الرواية؟ إن أثيوبيا الآن مركز الاتحاد الأفريقي مثلما مصر مقر الجامعة العربية، وأثيوبيا عضو تجمع يضم السودان واليمن، وجماعة كوميسا، فكيف تهرب “بكتاب النيل” في ظل عجز سياسي دبلوماسي بهذا الشكل وعلى ساحة عربية وأفريقية واسعة؟ ألا تتأثر مشاعر المسؤولين في هذه المنطقة لقدرة الدبلوماسية الأفريقية على الحركة بمواقف منسقة بهذا الشكل في كنشاسا وعنتيبي وشرم الشيخ دون مقابل عربي.

السابق
المنديل والعشرة دنانير قصة جميلة للأطفال قبل النوم
التالي
اسباب ترك صفحات فارغة بالكتب

اترك تعليقاً