كيفية استخدام الاطناب في اللغة

كيفية استخدام الاطناب في اللغة

كيفية استخدام الاطناب في اللغة … هو المبالغة في الوصف سواء كان مدحا أو ذما ولقد تعددت التعريفات للاطناب وسوف نتعرف على انواعه واشكاله في هذه المقالة

 

يرى ابن الأثير -صاحب كتاب -المثل السائر- أنّه لو رجع المرء إلى المعنى اللغوي لكلمة “أطنب” واشتقاقاتها سيجد أنّ هذا الاسم مناسب لمحتواه
فمعنى أطنب في الشيء يعني بالغ فيه، ويقال أطنبت الريح إذا اشتدّت في هبوبها
وأطنب في السير إذا اشتدّ فيه، ثم يصل من ذلك كلّه إلى تحديد معنى الإطناب
بأنّه “زيادة اللفظ على المعنى لفائدة”، بينما عرفه الخطيب القزويني بأنه تأدية المعنى المراد بلفظٍ زائدٍ عليه، وذلك ابتغاءَ تحقيق فائدةٍ ما.

تعريف السيوطي

لم يذكر الإمام الجلال السيوطي تعريفًا للإطناب، بل ذكره وكانّه أمر معلوم
وقد قسم الإطناب إلى إطناب بسط وإطناب زيادة، والإطناب بالبسط هو نوع بسيط جعل عليه بعض الأمثلة
ولكن الإطناب بالزيادة جاء عنده في نحو 30 صفحة من كتاب الإتقان
وهو أنواع كثيرة وكل نوع فيها له صور عدّة، وقد بلغ بعضها أن وصل إلى 20 صورة.

تعريف ابن معصوم

يرى ابن معصوم أن الإطناب هو البسط والمد في الكلام فهو عكس الإيجاز
وقال إن منهم من جعل الإطناب هو تكثير الجمل، فانقسم الإطناب بذلك إلى قسمين:
البسط والزيادة، فالأول هو الإطناب بالجمل، والثاني هو الإطناب بغيرها
وعقب ابن معصوم على ذلك بأن علماء البديع لا يعرفون هذا.

وعليه فالإطناب هو: أن يكون اللفظ زائدًا على أصل المراد لفائدة، فالفائدة شرط للإطناب، وإذا انتفت الفائدة عدّ تطويلًا.

لمعرفة الفرق بين الإطناب والإيجاز، ننصحك بقراءة المقال: الفرق بين الإيجاز والإطناب.

أنواع الإطناب في اللغة العربية

كيفية استخدام الاطناب في اللغة

ما صور الإطناب المعروفة في البلاغة العربيّة؟

ينقسم الإطناب في اللغة العربيّة بحسب الوظيفة البلاغية التي يؤديها إلى أنواعٍ متعدّدة، ومنها:

الإيضاح بعد الإبهام

هذا النوع من الإطناب يظهر المعنى في صورتين مختلفتين
إحداهما مجملة مبهمة، والأخرى مفصّلة موضّحة
مما يجعل المعنى أكثر تمكّنًا من النفس، فالمعنى إذا أجمل وأبهم تشوّقتْ نفس السامع إلى معرفة تفصيلاته فتوجّهتْ نفسه إلى ما بعد ذلك الإبهام
ومن الإطناب في القرآن الكريم الذي فيه إيضاح بعد الإبهام
قوله تعالى في سورة الحجر: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَٰلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَٰؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ}
فإنّ قوله تعالى: {أَنَّ دَابِرَ هَٰؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ قد وضّح الغموض الذي تضمّنه لفظ {الْأَمْرَ}

ذكر الخاص بعد العام

يكون هذا النوع بذكر الخاص بعد العام، والغرض البلاغي من هذا النوع هو التنبيه على فضل الخاص
وزيادة التنويه بشأنه، حتّى كأنّه من جنس العام
ومن أمثلته قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}
فقد خصّ الله {وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ} أي: صلاة العصر وذلك لبيان فضلها وأهميتها بالرغم من أنها أحد الصلوات الخمس
فالغرض البلاغي من هذا الإطناب هو التنويه بشأن ما خصّص ذكره.

ذكر العام بعد الخاص

وهو البدء بذكر الخاص ثمّ الانتقال منه إلى الأعم والأشمل
والغرض البلاغي لهذا النوع من الإطناب هو إفادة العموم مع العناية بشأن الخاص
ومن أمثلة هذا النوع قوله تعالى في سورة نوح: {رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا}
فلفظ {لِي وَلِوَالِدَيَّ} قد يراه بعضهم زائدًا في الآية لدخول معناه في عمومقوله: {وَللْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}
ولكن قد ذكر هذان اللفظان فأفاد ذكرهما العموم مع العناية بالخاص وذلك لذكره مرّتين، مرّة وحده بلفظه ومرة أخرى مشمولًا بالعام.

التكرير لداعٍ

والمراد به تكرير المعاني والألفاظ، وعلامته هو دلالة اللفظ على المعنى مردَدا
والتكرير المفيد يكون مؤّكَدًا للكلام ومشدّدًا له، وأمّا الغرض البلاغي لهذا النوع
فهو الدلالة على العناية بالشيء الذي تكرّر فيه الكلام إما للمبالغة بمدحه أو ذمّه
ودواعي الإطناب بالتكرير كثيرة منها:

تأكيد المعنى

وهو تكرير الكلام لداعٍ وهو تأكيد المعنى المراد من ذلك التكرار
فقد يكون إنذارًا أو وعيدًا أو نحو ذلك، فمثلًا في قوله تعالى: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ}
قوله تعالى {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ}، الأولى هي زجر وإنذار للذين ألهاهم التكاثر في الدنيا عن العمل الصالح والاجتهاد للآخرة
وفي قوله تعالى {ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ}، تأكيد لذلك الإنذار الذي ورد في صدر الآية.

التحسر

وهو تكرار اسم أو نحوه في الكلام لغاية إظهار الحزن والأسى والحسرة، مثاله قول الحسين بن مطير من شعراء العصر الأموي والعباسي يرثي معن بن زائدة:

فيا قبر معنٍ أنت أول حفرةٍ

من الأرض خطّتْ للسماحة موضعا

ويا قبر معن كيف واريتَ جوده

وقد كان منه البر والبحر مترعا

فالغرض من تكرير “يا قبر معن” هو إظهار الأسى والحزن والتّحسّر على معن.

طول الفصل

وهو تكرار الكلام لداعي الإطالة؛ يعني أن يأتي في بداية الكلام لفظ ثمّ بعده يأتي كلام طويل مرتبط به
فعندها من البلاغة أن يكرّر هذا الكلام لئلّا يكون السامع قد غفل عن الكلام الأوّل
ومثاله في قوله تعالى: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
فكرّر {فَلَا تَحْسَبَنَهم} لطول الفصل بين الأول ومتعلّقه “بمفازة من العذاب”
وذلك خشيةً من أن يكون الذّهن قد غفل عمّا قيل في بداية الكلام.

الإيغال

الإيغال في البلاغة هو ختم البيت بكلمة أو عبارة يتمّ المعنى بدونها
ولكنّها تعطيه قافيته وتضيف إلى معناه التّام معنى زائدًا
والفرق بينه وبين التوشيع أنّ التوشيع يؤتى في آخر الكلام بمثنّى مفسّر باسمين ثانيهما معطوف على الأول، ومن أمثلته قول الخنساء في أخيها صخر:

وإنَ صخرًا لتأتم الهداة به

كأنّه علم في رأسهِ نار

فالبيت السّابق يتمّ معناه عند “كأنّه علم” إلّا أنّ الخنساء لم تكتفِ بتشبيه أخيها بالعلم
وهو الجبل المرتفع المعروف بالهداية، بل أضافت إلى هذا المعنى أنّ أخاها لا يشبه الجبل المرتفع فقط، بل يشبه الجبل الذي فوق قمته نار.

الاحتراس

ويكون هذا النوع من الإطناب عندما يأتي المتكلّم بكلامٍ أو معنى يمكن أن يلام عليه
فيفطن لذلك ويذكر بعده ما يخلّصه من ذلك
وهذا الكلام الذي يؤتى به في الكلام لتخليصه مما يوهم خلاف المقصود
قد يكون في وسط الكلام، ومثال ذلك قول طرفة بن العبد:

فسقى ديارك –غير مفسدها

صوب الربيع وديمة تهمي

فقوله: “غير مفسدها” احتراس وتحرز من المقابل وهو محو معالمها
وقد يكون الاحتراس واقعًا في نهاية الكلام، ومثال ذلك قول الشّاعر:

وما بي إلى ماءٍ سوى النيلِ غُلّة

ولو أنّه -أستغفر الله- زمزم

فالشاعر قد أتى بجملة “أستغفر الله” للاحتراس؛ لأنّه إنّما أراد أن يقول:
ولو أنّه زمزم، فعندها فطِنَ لما قد يتوهّمه السامع من استخفاف بشأن ماء زمزم ذلك الماء المقدّس عند المسلمين، فسارع حينها لدفع ذلك التوهّم بقوله: “أستغفر الله”.

الاعتراض

هو أن يؤتى في أثناء الكلام أو بين كلامين متّصلين متلازمين في المعنى
بجملة أو أكثر لا محلّ لها من الإعراب، وذلك لفائدة وغرض غير دفع الإبهام، ومن أغراض الاعتراض البلاغية:

التنزيه

وهو ذكر كلمة أو جملة معتَرِضة في الكلام المتصل لغاية التنزيه
ومن ذلك قوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ ۙ وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ}
فكلمة {سبْحَانَه} في الآية الكريمة معترضة في أثناء كلام متّصل
وذلك لغرض بلاغي وهو المسارعة إلى تنزيه الله -جلّ وعلا- عمّا ينسبون إليه من باطلٍ.

الدعاء

ويكون الدعاء للاستعطاف واستمالة القلب
مثاله قول الشّاعر عوف بن محلم الخزاعي -وهو من شعراء العصر العباسي- يشكو كبر ممدوحه وضعفه:

إِنَّ الثَّمانينَ -وبلِّغْـتَها-

قدْ أَحْوَجَتْ سَمْعي إِلى تَرْجمانْ

فجملة “وبلّغتها” جملة معترضة بين اسم إنّ وخبرها، قصد الشّاعر بها الدعاء لمن يخاطبه استدرارًا لعطفه عليه.

التنبيه

ويقصد به التنبيه على أمرٍ من الأمور، ومثاله قول أحد شعراء العصر الجاهلي
واسمه أبو خراش الهذلي يذكر أخاه عروة:

تقول أراه بعدَ عروة لاهيًا

وذلك رزء -لو علمتَ- جليل

فلا تحسبي أنّي تناسيت عهدَه

ولكن صبري -يا أميم- جميل
السابق
قصة الولد الخشب بينوكيو
التالي
قصة الراعي الكذاب من القصص الهادفة السامية

اترك تعليقاً