السيرة الذاتية لأبو العلاء المعري

السيرة الذاتية لأبو العلاء المعري

السيرة الذاتية لأبو العلاء المعري

السيرة الذاتية لأبو العلاء المعري … هو أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي، وهو شاعر وفيلسوف شهير، فقد بصره في الرابعة من عمره

 

يعتبر المعرّي من أعظم فحول الشعر، وهو من الشخصيّات الفذّة والمتميزة في الأدب العربي
شكلّ انقلاباً على التقاليد الثقافية التي كانت سائدة في عصره، وكان مَنْ وضع هذه التقاليد
ورسخها من سبقه من شعراء وأدباء العرب؛ فجاءت أشعاره تعبيراً عن تجاربه الخاصة
ومشاهداته في الحياة، وتأملاته في الوجود، وكان لهذه الأشعار دور هام في رفعة شأن الأدب في الوقت الذي عمّ فيه الجهل، وانتشرت فيه الخرافات بين الناس.

 

عرف الجدّ الأكبر للمعرّي بقضاعة بن مالك القحطاني من اليمن، وكان يكنى بأبي حيّ
وقيل إنّ قضاعة هو ابن معد بن عدنان، ومالك هو زوج أمّه
وكان الانتساب لزوج الأم في ذلك الوقت أمراً معتاداً عند العرب، وسمّي قضاعة لبقائه مع أمّه وانقطاعه عن قومه.
أمّا التنوخي فهو ينسب إلى تنوخ؛ وهي قبيلة من قضاعة كانت تقيم في اليمن
وسبب تسميّتهم بهذا الاسم لأنهم اجتمعوا وسكنوا منطقة بالشام
وكان يكنى بالمعري نسبة إلى بلدة معرّة النعمان التي تقع في سوريا؛ وهي تابعة لمدينة حمص الواقعة بين مدينتيّ حلب وحماة.

كان والد أبي العلاء المعرّي قد أطلق عليه كنيّة أبي العلاء، ولكنه اختار لنفسه لقباً آخر كان محبباً لديه
وهو (رهين المحبسين)؛ أي فقدان بصره، واعتزاله الناس ولزومه بيته.
غيّر أنّه ما لبث أن أضاف سجناً ثالثاً، وهذا السجن هو نفسه المسجونة في جسمه المادي.

السيرة الذاتية لأبو العلاء المعري

مولد ونشأة أبي العلاء المعرّي

ولد أبو العلاء المعري في يوم الجمعة من شهر ربيع الأول من عام 363 هجري
وفقد بصره نتيجة إصابته بالجدري -كما سبق ذكره- في أوائل عام 367 هجري
وكان لا يعرف من الألوان إلا اللون الأحمر؛ لأنه ارتداه أثناء علاجه من مرض الجدري.
وقد تعايش المعري مع وضعه الجديد، واعتبر فقدان البصر نعمة من النعم التي يحمد الله عليها
ثم كان يمارس حياته بشكلٍ طبيعي يلعب الشطرنج، ويشارك أقرانه في المناظرات الأدبيّة
سواءً كانت جديّة أم هزليّة، وترعرع المعري بالمعرّة مسقط رأسه، وتولى والده تعليمه اللغة والنحو وحفظ الحديث النبوي،
ثم انتقل بعد ذلك إلى حلب، وتابع تعليمه النحوي محمد بن عبد الله بن سعد النحوي
ثمّ ارتحل إلى بغداد، وقابل هناك عبد السلام بن الحسين البصري وتزوّد من علمه.

 

شيوخ أبي العلاء المعرّي وتعليمه

تلقّى المعري بداية تعليمه على يد والده كما سبق ذكره، وقيل إنّه نظم الشعر ولم يتجاوز الحادية عشرة من العمر، ثمّ انتقل بعد ذلك إلى حلب لطلب المزيد من علوم اللغة وآدابها، وهناك التقى نخبة من العلماء الذين تتلمذوا على يد ابن خالويه، ومنهم: محمد بن عبدالله بن سعد النحوي الذي أخذ منه شعر المتنبي، ويحيى بن مسعر الذي أخذ منه اليسير من علوم السنة، وتنقّل بعد ذلك بين طرابلس واللاذقيّة وأنطاكيّة من أجل الاستزادة من العلم
ثم في عام 383 هجري عاد مرةً أخرى إلى بلدته، وظلّ فيها خمسة عشر عاماً إلى أن قرر السفر إلى بغداد عام 398 للهجرة، وفي هذه الفترة لم يأخذ المعري علمه من أحد.

السيرة الذاتية لأبو العلاء المعري

سفر أبي العلاء المعرّي إلى بغداد

قرر أبو علاء المعري السفر إلى بغداد، ومكت فيها قرابة عام وسبعة أشهر طلباً للعلم والاستزادة منه، وتحمّل في سبيل ذلك الكثير من المشاق والصعاب، وكانت بغداد في تلك الفترة يحكمها العباسيون، وتشهد نهضة علمية واسعة، وازدهاراً في جميع حقول العلم والأدب؛ إذْ كانت تضمّ في أرجائها الكثير من الشعراء والأدباء، ويقصدها الفقهاء والمُحدّثين والفلاسفة والمتكلّمين، وكانت تزخر بدور العلم والمكتبات وحلقات الدرس، ومن الجدير بالذكر أن المؤرخين لم يذكروا إلا القليل عن الفترة التي عاشها المعري في بغداد، ومن الأخبار التي ذُكرت أنّه كان يقصد المكتبات المعروفة، وكان يشارك أيضاً في مجالس الأدب، ومما يدور فيها من مجادلات، ويتردد على المجمعيّ الفلسفي بدار عبد السلام البصري وسابور بن أردشير، وفي بغداد برزت موهبته النادرة في الحفظ؛ فكان يحفظ كل ما يصل إلى مسامعه، وعلى الرغم من أنّ نيّته كانت تتجه للإقامة في بغداد إلا أنّه لم يستحسن العيش فيها، فغادرها عائداً إلى بلدته المعرّة في أواخر شهر رمضان لعام 400 للهجرة.

في طريق عودته بلغه خبر وفاة والدته، فحزن عليها حزناً شديداً، وعبّر المعري عن هذا الحزن بشدة في قصائده الشعريّة، وفي معظم رسائله المنثورة، وكانت هذه الأشعار والرسائل خير من عبّر عن الحالة النفسية الصعبة التي كان يعيشها المعري في تلك الفترة.

 

عزلة أبي العلاء المعرّي

تعرّض أبو العلاء المعري لمصاعب عدّة في حياته كان أشدها تأثيراً على نفسه ما لحق به من مشاكل وأذى من الناس؛ مما جعله يمقت الحياة، ويتخذ قراراً بعد عودته من بغداد بلزوم بيته واعتزال الحياة، والتفرغ للتاليف والتصنيف، وبقي في عزلته هذه حتى مماته.

اجتمعت عوامل عدّة ساهمت في اتخاذ المعري لهذا القرار، ومنها: أنّ طبعه كان ميالاً إلى حبّ الوحدة، وفقده لبصره وهو صغيرٌ، ناهيك أيضاً عن فقده لوالديه في أصعب الأوقات والظروف، وما كان يعانيه من فقرٍ شديد، بالإضافة إلى المعاملة السيئة التي تلقّاها من أهل بغداد، ورغم هذه العزلة إلا أنّ بيت المعري كان مقصداً لطالبي العلم بعد أن انتشرت شهرته العلمية في كل الأرجاء، ومن الجدير بالذكر أنّ المعري عاش في هذه العزلة زاهداً في الحياة؛ يلبس الخشن من الثياب، ويداوم على الصيام، ويمتنع عن تناول لحوم الحيوانات ومنتجاتها من لبنٍ وبيض ليس تديناً إنما اعتقاداً منه أنه بذلك يجنبها الألم عند الذبح.

السيرة الذاتية لأبو العلاء المعري

تلاميذ أبي العلاء المعرّي

تتلمذ على يديّ أبي العلاء المعري، في المعرّة وبغداد، الكثير من الأدباء والعلماء المعروفين نذكر منهم ما يلي:

  • أبو المكارم عبد الوارث بن محمد الأبهري.
  • الخليل بن عبد الجبار القزويني.
  • أبو تمام غالب بن عيسى الأنصاري.
  • محمد بن أحمد بن أبي الصقر الأنباري.
  • أبو القاسم علي بن المحسن بن التنوخي.
  • أبو زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي.

 

ذكاء أبي العلاء المعرّي وسعة علمه

عُرف أبو العلاء المعري بشدّة ذكائه، وموهبته الفريدة في الحفظ والفهم؛ فكان يحفظ كل ما يسمعه دون أن ينسى شيئاً، وقد ساهم هذا النبوغ في غزارة علمه؛ وضلوعه في الأدب واللغة والنحو والصرف؛ إلى الحدّ الذي اعتبر أعجوبة زمانه في اللغة وفي حفظ شواهدها، وقيل عنه أيضاً إنّه اللغوي الوحيد بالمشرق في ذلك الوقت.

 

موقف أبي العلاء المعرّي من العقل

اعتمد أبو العلاء المعري في مؤلفاته على التنوع في الموضوعات، فكان منهجه شمولياً في التأليف، وكانت فلسفة المعري ونظرته للحياة ظاهرة بقوة في هذه الموضوعات، بحيث استند في هذا التنوع الفكري على ثقافة واسعة ومتنوعة؛ فعندما بلغ السابعة والثلاثين من عمره اختار لنفسه العزلة كمنهج حياة، وجاء هذا القرار بعد مدة طويلة من التفكير العميق، وأراد منه المعري الناي بنفسه عن معاركة الحياة والناس، لأنّ الاختلاط مع الناس -حسب رأيه- يؤدي إلى إفساد العقل وتشويهه بما يعتقده هؤلاء الناس، وذهب في نظرته المثاليّة للحياة والوجود إلى أبعد من هذا؛ وذلك عندما اعتبر أنّ هذه الأجسام التي تسكنها النفس البشرية سجناً لها، وأنّ الوجود الحقيقي في الحياة هو الوجود الروحي؛ لأنّ باعتقاده أنّ المشاكل التي يتعرض لها الإنسان في حياته حدثت بسبب توحّد الجسد بالروح؛ ولهذا يرى أنّ العزلة أفضل سبيل للنجاة في الحياة من الاختلاط والألفة.

سعى المعري من هذه العزلة بالدعوة إلى إعادة العقل البشري إلى مساره الفطري وذلك بإعادة المصداقيه إليه
ثم تحريره أيضاً من الأفكار التي اكتسبها من العلاقات الاجتماعية؛ لأنّ هذه العلاقات -حسب رأيه- تعمل على إفساد مصداقية العقل؛ لأنها تُبنى على أوهام باطلة، وخرافات متناقضة كان يعتبرها الكثير من الناس حقائق ومسلمات في الحياة.

 

مؤلفات أبي العلاء المعرّي

كان أبو العلاء المعري معروفاً بغزارة تأليفه؛ فألّف في الشعر، وعلوم القرآن، والزهد، والوعظ، واللغة، والفلسفة، والنحو، والقواقي، والعروض، والألغاز، إلا أنّ الأكثريّة كانت في نظم الشعر، وكان إنتاجه الشعري والأدبي ما يقارب مئتي كتاب ورسالة، ما بين نقدٍ وإبداع؛ غيّر أنّ هذا التراث الوفير من المؤلفات ضاع ولم يبقَ منه إلا القليل، وكانت هناك عوامل عدّة ساعدت في إيجاد هذا الكمْ الهائل من التأليف عند المعري، ومنها: القدرة العقليّة الفذّة، والسرعة النادرة في الحفظ والفهم، واعتزال الناس والتفرغ للقراءة والبحث والكتابة، عدا عن الثقافة المتنوعة التي كانت بارزة بوضوحٍ وتجلِ في تراثه الأدبي العظيم؛ مما أهّله ليصبح من عظماء الأدباء عند العرب، وأن يتبوأ مكانة مرموقة بينهم ثم يصبح تراثه موضع اهتمام الدارسين في الشرق والغرب، ولقد تنوّع هذا التراث ما بين كتب، ودواوين شعريّة، ورسائل، وسوف نستعرضه فيما يلي:

 

الكتب

نذكرها كما يلي:

  • إقليد الغابات: هو كتاب اختزل فيه تفسير الألغاز التي جاءت في كتاب (الفصول والغايات).
  • الأيك والغصون: هو كتاب كبير تجاوز المئة جزء في الأدب، ويسمى أيضاً “الهمزة والردف”.
  • تاج الحرّة: هو كتاب اختصّ بوعظ النساء.
  • خماسية الراح: هو كتاب جاء في ذمّ الخمر.
  • ذكرى حبيب: هو كتاب تناول بالشرح ديوان الشاعر أبي تمام.
  • راحة اللزوم: هو كتاب دوّن لشرح ديوان (لزوم ما لا يلزم).
  • الرياش المصطنعي: هو كتاب اختصّ بشرح ديوان الحماسة الرياشية.
  • ضوء السقط: هو كتاب اختص بشرح ديوان (سقط الزند)، تناول فيه المعري الألفاظ الغريبة؛ فقام بشرحها، وتبسيط معانيها، وجعلها قريبة من الأذهان.
  • عبث الوليد: هو كتاب تناول تعليق المعري على ديوان الشاعر البحتري.
  • الفصول والغايات: هو كتاب أظهر فيه المعري عظمة اللغة العربية، وتاريخها الأدبي حيث تجلّت في هذا الكتاب فصول أدبية بمستوى عالٍ في علم البلاغة والفصاحة، وكان لهذا الكتاب مدلولات تأملية إيمانية استمدها من بلاغة القرآن الكريم كان يهدف منها التمجيد والتعظيم للخالق تعالى.
  • اللامع العزيزي: هو كتاب تضمّن شرحاً لشعر أبي الطيب المتنبي.
  • ملقي السبيل: هو كتاب اشتمل على الكلام المنثور والمنظوم وتضمّن مواعظ كُتبت حسب حروف المعجم.
  • زجر النابح: هو عبارة عن كتاب مناظرات جرت بين المعري وخصومه ممن اتهموه بالكفر، وحاول المعري من خلال هذه المناظرات الرد عليهم، والدفاع عن نفسه، ودحض هذه التهم التي نسبت إليه.
  • مثقال النظم: هو كتاب تضمّن مادة العروض.
  • مجد الأنصار: هو كتاب تضمّن القوافي في الشعر.
السابق
السيرة الذاتية للجاحظ
التالي
الأساطير الرومانية من القصص العالمية

اترك تعليقاً