ما هو فن النثر وانواعه وخصائصه

ما هو فن النثر وانواعه وخصائصه

ما هو فن النثر وانواعه وخصائصه

ما هو فن النثر وانواعه وخصائصه … هو الكلام المرسل على نحو تلقائي وعفوي دون تقيده بوزن عامة إلا فيما يسمى “السجع” الذي يتميز بوجود القافية

 

تعريف النّثر حسب أغراضه

يتناول النّثر العديد من الأغراض التي تشمل جوانب الحياة، ومشاكلها، ومظاهرها المُختلفة، بالإضافة إلى تضمّنه العلوم الإنسانيّة، والعلميّة، والمعرفيّة، وفيما يلي بعض التّعريفات المُتعلّقة بالنّثر بحسب الغرض المُراد منه:[٤]

 

النّثر الفنيّ

هو النّثر الذي يظهر فيه الانتقاء الجيّد للألفاظ من قِبل الكاتب في تقديم فكرته أو موضوعه، لذلك يُعدّ هذا النّثر من الأنواع التي يتميّز فيها الكاتب بأسلوبه الخاصّ، ولهذا النّوع أربعة أقسام، وهي:
  • النّثر الأدبيّ، الذي يتميّز باهتمامه في الكلام ليكون مؤثراً على أسماع النّاس ونُفوسهم، وذلك من خلال توافقه وتناغمه مع الموقف الحاضر، كما أنّه أكثر الأقسام الأربعة التي تعنى بضرورة انتقاء المُفردة، لذلك يُعدّ هذا القسم مُهمّاً لدى الكاتب في إظهار جودة ما ينظمه، وجمال أسلوبه بما يتناسب مع الحال والمعنى، فهو مُغذّى بالعاطفة، والخيال، ومن الجدير بالذِّكر أنّ هذا النّوع يتضمّن المُراسلات الأدبيّة والإخوانيّة التي يتمّ التّطرّق إليها بتهنئة، أو تعزية، أو عِتاب، أو اعتذار، وممّن عُنيوا بهذه المُراسلات: ناصيف اليازجيّ، والشّدياق، ومصطفى لُطفي المنفلوطي، كذلك تُعدّ الخطابة، والوصف من أشكال النّثر الأدبيّ.
  • السِّير الذّاتيّة، والقصص، والرّويات، والمسرحيّات النّثريّة.
  • الدّراسات التّحليليّة والنّقديّة، بالإضافة إلى الحديث عن الأمور المعنويّة مثل الجماليّات، والعواطف، والأذواق، وغيرها.
  • تاريخ الأدب وما يتضمّنه من الحديث عن الأدباء والعصور التي عاشوا بها، وأثر البيئة التي سكنوها فيها حياتهم، وكلّ ذلك يكون بعد التّحليل والنّقد لما قاموا بها في عصورهم حتّى نتاجاتهم في الحياة.

 

النّثر الاجتماعيّ

يعنى هذا النّوع من النّثر في إيصال الفِكرة مبتعداً عن جماليّات الألفاظ وزخرافتها، فكّل التّركيز منصب على عِلاج المشكلة بعد إيصال مضمون الفكرة، لذلك يتّسم هذا النّوع بصحّة المفردة، كما يتطرّق للإتيان بالحجج، وجلب الأمثلة، بالإضافة إلى العمل على إقناع المخاطب، ومن الجدير بالذِّكر أنّ هذا النّوع يتناول علاج الأمور التي تواجه المجتمع
من الجهل، والمرض، والفقر الاقتصاديّ، وكذلك العادات غير الجيدة في المجتمع
والمرأة وحقوقها، وغيرها ممّا يتعلّق بالمجتمع، ويجب الإشارة إلى أنّ الكاتب قاسم أمين، وبطرس البستانيّ، وجبران خليل جُبران، من أتباع هذا الّلون النّثريّ.

 

النّثر الدّينيّ

يتميّز هذا النّوع من النّثر باقترانه بالعقيدة، والتّشريع، والعبادات، بالإضافة إلى حرص الكاتبين لهذا النّوع
على نقل أفكارهم، وحججهم، وتفاسيرهم على نحو سليم و بليغ من النّاحيتين الدّينيّة والّلغويّة
وممّا يندرج تحت هذا النّوع من العلوم المتّصلة بالدّين، الدّراسات القرآنيّة، والتّفسير، والفقه، وأصول الفقه
والعقائد المختلفة، كذلك علم الأديان، وعلم الحديث، والميراث، وغيرها ممّا يتعلّق بأمر الدّين.

 

النّثر اللغويّ

هو النّثر الشّامل للعلوم اللغويّة، مثل علم الدّراسات اللغويّة التي تتضمّن علم النّحو، وعلم الصّرف
وعلوم اللغة وفقهها، كذلك علم المعاني المُتضمّن لعلم البلاغة.

 

النّثر العلميّ

يتضمّن هذا النّوع من النّثر قسمين هما:

  • النّثر الإنسانيّ: هو النّثر العلميّ الذي يتناول موضوعات إنسانيّة مساعدة
    ويتطلّب للكتابة في هذا النّوع الإلمام الكامل بالّلغة، والتّوافق بين الشّكل العامّ لما يكتب وما يتضمّنه
    ليتطابق المعنى معهما، ومن الموضوعات الإنسانيّة التي يتطرّق إليها هذا النّوع القانون، والفلسفة
    والتّاريخ، كذلك الاجتماع، والاقتصاد وغيرها.
  • النّثر العلميّ: هو النّثر الذي يوضّح العلوم الطبيعيّة والمعلومات التي فيها
    من خلال استخدام لُغة بسيطة بعيدة عن التّعقيد، ومن العلوم الطّبيعيّة التي يتناولها هذا النّوع علم الفيزياء، والكيمياء، والأحياء، وكذلك الفلك، وغيرها.

 

أنواع الفنون النّثريّة وتعريفاتها

الرّسائل

إنّ كلمة الرّسالة مأخوذة من المادّة الّلغويّة رَسَل، وإرسال الشّيء يعني توجيهه
أمّا اصطلاحاً فقد عرّفها الكاتب عبد العزيز عتيق في كتابه “الأدب العربيّ في الأندلس
” أنّها قطعة نثريّة تجمع بين القُصر والطّول للنّص، وذلك بحسب ما يريد الكاتب إيصاله، وبحسب أسلوبه الخاصّ
كما أنّ فنّ الرّسالة قد يحتوي على الشِّعر في بعض الأحيان التي يتطلّب فيها ذلك
وحينها إمّا أن يكون من نظم الكاتب نفسه أو أن يقوم باقتباسه من أحد الشعراء
ومن الجدير بالذِّكر أنّ فن الرّسائل يمتاز باحتوائه على جِيد الألفاظ وحسن اختيارها، كما يكون مما يحمل المعنى الطّريف.

 

الخَطابة

الخطابة في معناها اللغويّ مأخوذة من الفعل خطب، وقال الجوهريّ فيها:
“خطب على المنبر خطبة وخطابة، ويقال: فلان خطيب القوم إذا كان هو المتكلّم عنهم، والجمع خطباء”
كما أنّ الخطبة عند العرب كما قال أبو إسحاق هي: “الكلام المنثور المسجوع ونحوه”
بالإضافة إلى ما ذكر في لسان العرب حولها كونها كالرّسالة، التي لها بداية ونهاية
أمّا الخطابة في اصطلاح العلماء، فقد وضِع العديد من التّعريفات لها، ويمكن استجماعها كلّها بأنّ الخطابة هي كلام نثريّ يؤلّف ليخاطب به الفرد الواحد جماعة ما؛ بهدف الإقناع وإمالة جانب النّاس إليه بشكل ليّن
كما أنّ للخطابة عِلم خاصّ يشمل أصولها، وقوانينها، فمن استطاع الإلمام به سيرشده إلى طريق الخطابة.

 

المقالة

هي أحد أشكال النّثر الذي يُناقش فيه الكاتب موضوعاً ما متطرّقاً إلى علاجه
وقد يكون الموضوع انعكاساً لتجارب مرّة بها، أو أمراً دار في ذهنه، كما يمكن أن يكون موضوعاً توهمّه
أو أتى به من محض خياله، ذلك تعدّ الرّؤية الشّخصيّة للكاتب من الأركان الأساسيّة للمقالة
ومن الجدير بالذِّكر أنّ الكاتب والدّكتور نبيل حديد ذَكَر في كتابه “في الكتابة الصّحفيّة”
أنّ للمقالة عنصراً أساسيّاً يُعدّ بمثابة النّواة لها، وهي “الفكرة”، والتي قد تتشكّل على هيئة خاطرة
استوحاها الكاتب من جوانب حياته التي عاشها، أو قد يكون قرأها في كتاب ما
وأراد بعدها إعادة صياغتها ضمن إطار معيّن، أو على هيئة أخرى يصوّر من خلاله الموضوع بشكل مختلف ومتكامل بالتّصوير والتّعبير
كما يشارك الدّكتور نبيل في هذا الرّأي الكاتبان: الدّكتور صالح أبو إصبع، والدّكتور محمّد عبيد الله
وذلك بأنّ المقالة فنّ نثريّ يتمحور حول فكرة واحدة، لمناقشة موضوع معيّن
أو للتعبير عن رأي ما، بالإضافة إلى وجود غاية إقناع القارئ بالفكرة واستثارة عاطفته
لذلك تتّسم المقالة ببساطة لغتها ووضوحها، وطولها المعتدل، إلى جانب الأسلوب الشِّيق والجاذب.

 

الحكم والأمثال

تعرّف الحِكَم بأنّها أقوال قصيرة بليغة تتضمّن أمراً صحيحاً ثابتاً، ومسّلماً به
أمّا الأمثال فهي أقوال قصيرة بليغة تعنى بتشبيه حالة سبق الحديث عنها
بحالة حدثت حديثاً وهكذا، لذلك تعدّ ضَرْب مقابلة بين شيء وشبيهه
ومن الجدير بالذِّكر أنّ الأمثال لا تتغيّر ألفاظها عبر الزّمن مهما اختلف نوع الخِطاب، أو نهج الكلام، ويجب الإشارة إلى أنّ الحكمة والمَثل قد يكونان على هيئة شِعر أو نثر، ولكنّ الوجه الغالب أنّهما يشتهران في النّثر
وهذا ما جعلهما ضمن أشكال النّثر وأغراضه، كما أنّ هذين اللونين من النّثر يعكسان التّجارب الطّويلة
والصّادقة لكاتبها كما أنّها تشير إلى أنّها صّادرة عن عقل ناضج، ورأي سليم، وهذا ما جعلها مُتداولة بين الأدباء والنّاس، فهي تزيّن الكلام بالإضافة إلى دعم المعنى المُراد إيصاله.

 

الرّواية

تعدّ مفردة الرّواية من المفاهيم الواسعة التي لا تملك شكلاً ثابتاً، فقواعدها متغيّرة
ولا تمتلك قوانين تحدّدها ضمن إطار معيّن، وهذا ما يجعلها متأقلمة مع الظّروف الموجودة
فتتغيّر بحسبها للتكيّف معها، ومن الجدير بالذِّكر أنّ للكتّاب كذلك آراءً مختلفة حول مصطلح الرّواية
ممّا يجعلها مفهوماً يصعب حصره لتعدد الكتّاب واختلاف أنواع كتاباتهم
إلّا أنّه يمكن تعريفها تعريفاً عامّاً بسيطاً بحسب الكاتب محمّد تونجي في كتابه “المعجم المفصّل في الأدبّ”
بأنّها أحد الفنون النّثريّة القصصيّة التي ترتكز على مجموعة من الأحداث، والأفعال
والمشاهد على نحو متسلسل، كما أشار الكاتب جبور عبد النّور في كتابه “المعجم الأدبي”
إلى أنّ الرّواية في عرضها للأحداث تستعرض الحقائق جميعها وخاصّة المعقدّة، والتي تخدم ما يجب أن يظهر منها وهذا قبل أن يتمّ الإقرار بحكم حولها.

 

القصّة القصيرة

هي توثيق لفترة زمنيّة ضمن فترات حياة الكاتب المُختلفة، وتتضمّن حدثاً واحداً أو مجموعة من الأحداث التي تركت أثراً، وطابعاً في نفسه، ممّا جعله يقوم بتسجيلها، وقد يطول هذا التّسجيل فيشمل الحديث عن حياة فرد واحد
أو مجموعة ضمن فترة حياتهم كاملة، ومن الجدير بالذِّكر أنّ القصّة تتشابه أيضاً مع الرّواية في كونها معتدلة الطّول
وهذه حال القصّة فإن أشارت إلى أحداث قصيرة وسريعة، وضمن الحديث عن فترة قصيرة فتُعدّ حينها قصّة قصيرة
ويجب الإشارة إلى أنّ الفنّ القصصيّ عند إيراد أحداثه ضمن النّص النّثريّ قد يكون نصّاً مُبتدَعاً من رسم خيال الكاتب
ومع ذلك فإنّه يحتوي على إشارات تلامس الواقع الحقيقيّ الصّحيح، ويظهر هذا عند إيراد ظاهرة اجتماعيّة سلبيّة مثلاً، والمراد نقدها، فيقوم الكاتب باختلاق تصوّر ما حول المستقبل المتوقَعّ بناءً على واقع حقيقيّ موجود
وذلك من خلال العرض الجيّد للآراء والأفكار من خلال الاستعانة بشخصيّات يخترعها مع أحداث معيّنة ليصل في النّهاية إلى الغاية المرادة، كما تعد هذه الطّريقة في الاختلاق أفضل طريقة لإيصال فكرة ما عند عدم وجود أشخاص يتّبعونها
أو لأشخاص لا يمكنهم تخيّلها.

 

المسرحيّة

تتمثّل المسرحيّة في كونها قصّة ترتكز على النّص الحِواريّ، بالإضافة إلى العديد من المؤثّرات والمشاهد
وبهذا تعنى بأمرين مهمّين، الأول هو الجانب التّأليفيّ من قِبل الكاتب للنّص المسرحيّ
والثّاني هو الجانب التّمثيليّ الذي يجسَّد واقعاً على المسرح أمام الجمهور
ومن الجدير بالذِّكر أنّ المسرحيّة قد تكون على هيئة مكتوبة دون إيرادها تمثيلاً، فتكون مطبوعة في كتاب ما
فتشبه القصّة حينها، وعلى الرّغم من هذا تبقى محافظة على سماتها الخاصّة
ويجب الإشارة إلى أنّ العرب لم يعرفوا المسرحيّة ضمن الأدب العربيّ حتّى العصر الحديث، فقد أخذت من الأدب الغربيّ.

 

فنّ التّوقيعات

هو أحد أشكال الفنّ النّثريّ في الأدب العربيّ، وهو مجموعة من الصّياغات المكتوبة بإيجاز، كما اشتهرت التّوقيعات لدى الملوك، والأمراء، والسّلاطين، كذلك الوزراء، والخلفاء الذين كانوا يكتبون تعبيرات وتعليقات على الكتب والرِّقاع، ثمّ يقومون بتذييلها ضمن خطاباتهم الرّسميّة، وهذا ما جعله فنّاً نثريّاً يرتبط بساسة القوم، وأصحاب المقامات الرّفيعة، فلم يمارسها إلّا الإنسان البليغ، وصحاب الّلسان المحكَم، والقادر إدارة الكلام، ومن الجدير بالذِّكر أنّ التّوقيعات تمثّل إحدى المراحل النّاضجة أدبيّاً وبلاغيّاً عند العرب، ولم يكن ظهورها حديثاً، إنّما ظهرت نشأتها الأولى قبل الإسلام، وبعدها تطوّرت في العصور الإسلاميّة والأمويّة، وأكثر العصور التي ازدهرت فيها كان العصر العباسيّ.
تتميّز التّوقيعات بتعبيراتها البلاغيّة والموجزة، مع الصّياغة الدّقيقة، والتركيب المتين، بالإضافة إلى المعاني القويّة والمؤثّرة، كما تتّسم باحتوائها على تراكيب متنوعّة، ومنها الخبريّة والإنشائيّة، كذلك الاقتباس من القرآن الكريم، والسّنة النّبويّة، وأيضاً الأمثال، والحِكم والأشعار، ويجب الإشارة أنّ التّوقيعات تتضمّن صوراً بلاغيّة متنوّعة، مثل التّشبيهيّة، والاستعاريّة، والكنائيّة، والإيقاعات القويّة التي تملك طابعاً موسيقيّاً، وهذا ما يجعلها تحمل دلالات ورموز كثيرة وواسعة تصب في المعنى المراد إيصاله إلى المتلقّي بشكل واضح ومؤثّر، وتحتوي التّوقيعات كذلك على الألفاظ الجميلة، والممتعة التي تجذب عقول متّلقيها
السابق
من طرائف جرير والفرزدق
التالي
نظرة على سيرة بليز باسكال مخترع الآلة الحاسبة

اترك تعليقاً