قصص واقعية حدثت بالفعل.. قصة روان الشبلاق بعنوان حبيتك بالحرب الجزء الأول

قصص واقعية حدثت بالفعل.. قصة روان الشبلاق بعنوان حبيتك بالحرب الجزء الأول

جميعا نتفق على مدى صعوبة الحياة التي نعيشها كل يوم، وجميعنا نتفق أيضا على مدى وإلزام وضرورة تكيفنا

وتقبلنا لواقعنا المرير من أجل الاستمرار والبقاء أحياء، وهذا ما فعلته تحديدا عائلة “أبو مريم” لقد كانوا يعانون

حرفيا من أهوال الحرب والمحاصرة، لقد كانوا لا يجدون الطعام ولا الماء ولا الكهرباء ولا أي شيء من ضروريات

الحياة.

كانوا على قيد الحياة من قلة الموت ليس إلا؛ وبالفعل خسروا روحا بريئة طاهرة كانت ابنتهم والتي زهقت روحها

في انفجار صاروخ بجانب منزلهم؛ ومن شدة صعوبة الحياة ومرارتها قررت العائلة السفر خارج البلاد أملا في البقاء

على قيد الحياة.

لقد حرمت عليهم أبسط حقوق الإنسان ألا وهي النوم، كانوا يخافون أن يناموا لئلا يصابوا بقصف فلا يستطيعون

تفاديه لنومهم، كانت حياتهم عبارة عن أكبر وأسوأ كابوس يمكن أن يعيشه إنسان ما في مكان ما؛ وبالفعل قررت

العائلة الرحيل وقلوبهم يسودها الحزن والأسى، كانت المشكلة الوحيدة أن إحدى بناتهم لا تمتلك جواز سفر لضياع بطاقة هويتها، فقدموا طلبا لإخراج بطاقة هوية بدل فاقد، ولكنها ستستغرق من الوقت ثلاثة شهور.

كانت الفاجعة الكبرى بالنسبة لكل العائلة، أنهم لا يطيقون صبرا على تحمل يوم واحد فما بال تحملهم لمدة ثلاثة

شهور؟!؛ لذلك كان لزاما على العائلة الانتظار طوال هذه المدة الزمنية، ولكن من سوء الحظ اشتد القصف عليهم ولم يقدروا أن يتحملوا، لو استمروا في الصمود بهذه الطريقة لماتوا جميعا، فلم يجدوا حلا سوى الرحيل وترك هذه الابنة في البلاد، ومن بعدها يمكنها اللحاق بهم فور انتهاء كل الرسوم الخاصة والإجراءات لاكتمال أوراقها.

خرجت العائلة للرحيل، الوالد “أبو مريم”، والوالدة “أم مريم”، والثلاثة بنات مريم وريماس وريتاج، وتركوا خلفهم “سوزان” الابنة التي تبلغ من العمر ثمانية عشرة أعوام….

والدتها: “سامحينا يا ابنتي العزيزة لولا أنني خائفة على والدكِ وإخوتكِ لما كنا رحلنا وتركناكِ على الإطلاق، ولولا أنني أخشى تضييق الحال على عمتكِ لجلسنا جميعا هنا، أنكِ الآن تبلغين من العمر ثمانية عشرة عاما، وبإمكانكِ الاعتماد على نفسكِ وحمايتها، ولولا أنني متأكدة أنكِ هنا بمأمن بمنزل عمتكِ وبعيدا عن كل المخاطر التي كنا نلاقيها لما تركناكِ يا حبيبة قلبي”.

سوزان: “اطمئني يا أمي ولا تحملي بقلبكِ أي قلق تجاهي، وعلى العموم كلها أيام معدودات وألحق بكم، اهتمي بنفسكِ وبوالدي وبإخوتي”.

كان قلبها يعتصر وودها أن تخبرهم جميعا ألا يتركوها وحيدة شريدة حيث أنهم لم يفترقوا عن بعضهم البعض طوال حياتهم، ولكن ظروف الحياة قاسية والبلاد يعمها الحرب والخراب ينتشر بها انتشار النار في الهشيم، وخشيت “سوزان” أن تخرج الكلمات التي بقلبها فتغصص عليهم الرحيل، وخشيت أن يصاب فيهم أحد بأي مكروه أو أذى فيأكل قلبها الندم ويقتلها ببطء شديد.

وجاء يوم الرحيل، سطرت دقائق هذا اليوم بالبكاء المرير والحزن الأليم، الكل الدموع تطل من عينيه بالكاد يكبحها شعورا بالآخرين، كل من يقترب من “سوزان” يفشل في كبح مشاعره وحجبها، فتسال الدموع من عينيه وتنسكب سكبا، ودعها إخوتها ببكاء…

مريم: “ليتني كنت أنا مكانكِ يا حبيبتي، لا يسعنا من أمرنا شيء، لذا أرجوكِ سامحينا”، دموعها تعبأ عينيها.

سوزان: “أستحلفكِ بالله العلي العظيم ألا تبكي، فأنا بالكاد أكبحها حتى لا أحزن والديكِ”.

ريماس: “أتوسل إليكِ أن تهتمي بنفسكِ وأن تغادري البلاد وتلحقي بنا ولا تضيعي ثانية واحدة في غير ذلك”.

سوزان: “أنا لا أصدق أنني سأفترق عنكم كل هذه المدة، فثقي أنني لن أتأخر في المجيء إليكم يا أختي الغالية”.

ريتاج: “أتعطيني وعدا بذلك الكلام”.

سوزان: “أعدكم جميعا بذلك”.

وضم الأخوات الأربعة بعضهن البعض في مشهد أثر في الجميع، والدتهم ووالدهم، وعمتهن وأبنائها.

رحلوا والدموع في عيون الجميع، وما إن غادروا وسارت بهم العربة حتى اختفت عن الأنظار حتى حملت “سوزان”

نفسها ودخلت بحجرة بمنزل عمتها، وأغلقت عليها الباب وشرعت في تهدئة حالها بإخراج كافة الدموع المحبوسة

بداخلها.

ركضت عمتها “أحلام” خلفها….

العمة أحلام: “أتوسل إليكِ يا حبيبتي ألا تفعلي بنفسكِ هكذا، إنهم مجبورين فالتمسي لهم عذرا يا صغيرتي، وإنكِ

معي في أيد أمينة…..

يتبـــــع

السابق
حقائق عن هجوم اليابان في معركة بيرل هاربر 1941
التالي
قصص حقيقية حدثت بالفعل..قصة روان الشبلاق بعنوان حبيتك بالحرب.. الجزء الثاني

اترك تعليقاً