العودة   الشعر والادب والتراث العربي > ألأبل > الابل

اعلانات

الابل قسم عام عن كل مايخص الابل وسلوكيات الابل وطباعها ووسوم الايل وانواعها ومميزاتها

  انشر الموضوع
إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-19-2009, 01:51 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية دلوعة


البيانات
التسجيل: Sep 2009
العضوية: 1743
المشاركات: 1,545 [+]
بمعدل : 0.29 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم:
نقاط التقييم: 10

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
دلوعة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : الابل
الابل في ذاكرة الصحراء



--------------------------------------------

الرسول الكريم وبعير الأعـرابي

وقدم الدميري حكاية حدثت للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ولأحد الأعراب في المدينة المنورة قائلاً : "عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : غزونا مع رسول الله r حتى إذا كُنا في مجمع طرق المدينة فبصرنا بأعرابيّ أخذ بخطام بعير حتى وقف على رسول الله عليه الصلاة والسلام وقال : كيف أصبحت فجاء رجل كأنّه حرسي فقال يا رسول الله : هذا الأعرابي سرق بعيري هذا فرغا البعير وحنَّ ساعة فأنصت له النبي r يسمعُ رغاءهُ وحنينه فلما هدأ البعير أقبل النبيَّ r على الحرسي وقال انصرف فإن البعير يشهدُ عليك أنّك كاذب فانصرف الحرسي وأقبل النبي r على الأعرابي وقال : أيّ شيء قلت حين جئتني ؟ فقال بأبي أنت وأمي يا رسول الله قلتُ اللهّم صلَّ على محمد حتى لا تبقى صلاة اللّهم وبارك على محمد حتى لا تبقى بركة اللّهم وسلَّم على محمد حتى لا يبقى سلام اللّهم وأرحم محمداً حتى لا تبقى رحمة . فقال r إنّ الله تبارك وتعالى أبداها لي والبعير ينطق بقدرته وأنّ الملائكة قد سدّوا أفق السـماء " .

حكـاية هـارون الرشـيد :

وأورد صاحب حياة الحيوان الكبرى هذه الحكاية عن الخليفة العباسي هارون الرشيد ، إذ قال الفضل بن الربيع حج الرشيد فبينما أنا نائم ذات ليلة إذ سمعت قرع الباب فقلت مَن هذا قيل أجبي أمير المؤمنين فخرجتُ مُسرعاً فوجدت الرشيد فقلت : يا أمير المؤمنين لو أرسلت إلىَّ أتيتك فقال ويحُك قد حاك في نفسي أمر لا يخرجه إلا عالم فأنظر لي رجلاً أسألهُ عنه فقلت يا أمير المؤمنين ها هُنا سفيان بن عُيينة قال فامضِ بنا إليه فأتيناهُ فقرعنا عليه الباب فقال مَن هذا ؟ فقلت أجب أمير المؤمنين فخرج مُسرعاً وقال يا أمير المؤمنين لو أرسلت إلي لأتيتك قال حد لما جئنا له فحادثه ساعة ثم قال له " عليك دَين؟ قال : نعم . قال يا عباس أقضِ دينـه .

ثم انصرفنا فقال : ما أغنى عني صاحبُك هذا شيئاً فأنظر لي رجلاً أساله ، قلت ها هُنا عبدالرزاق بن هُمام واعظ العراق فقال امضِ بنا إليه نسأله فأتيناه فقرعنا عليه الباب فقال : من هذا فقلت أجب أمير المؤمنين فخرج مُسرعاً وقال يا أمير المؤمنين لو أرسلت إلى أتيتك قال حد لما جئنا له فحادثه ساعة ثم قال لهُ عليك دين قال نعم قال يا عباس اقضِ عنه دينه ثم انصرفنا فقال ما أغنى عني صاحبُك شيئاً فأنظر لي رجلاً أسأله قال فقلتُ ها هُنا الفضيل بن عياض قال أمضِ بنا إليه فأتيناه فإذا هو قائم يصلي يتلو آية من كتاب الله عز وجل ويرددا فقرعتُ الباب فقال من هذا ؟ فقلت أجب أمير المؤمنين فقال مالي ولأمير المؤمنين فقلتُ سبحان الله أما تجِب عليك طاعته فقال أو ليس قد رُوي عن النبي r أنّهُ قال : " ليس لمؤمن أن يذل نفسه " وفتح الباب ثم ارتقى إلى أعلى الغرفة مُسرعاً فأطفأ السراج والتجأ إلى زاوية من زوايا الغرفة فجعلنا نجول عليه بأيدينا فسبقت كفُ الرشيد إليه فقال أُوّاهُ ما ألينها من يدٍ إن نَجَت غداً من عذاب الله فقلت في نفسي ليكلمنه الليلة بكلامٍ نفيس من قلب تقي فقال حد لما جئنا لهُ قال وفيم جئت حملت على نفسك وجميع من معك حملوا عليك حتى لو سألتهم عند انكشاف الغطاء عنك وعنهم أن يحملوا عنك شقصاً من ذنب ما فعلوا ولكان أشدهم حباً لك أشدهم هرَباً منك ثم قال إنّ عمر بن عبدالعزيز لما وُلي الخلافة (العصر الأموي ) دعا سالم بن عبدالله بن عمر ومحمد بن كعب القرظي ورجاء بن حيوة وقال لهم إني قد أُبتليتُ بهذا البلاء فأشيروا عليّ فعدّ الخلافة بلاء وعددتها أنت وأصحابك نعمة . فقال له سالم بن عبدالله : إن أردت النجاة من عذاب الله فصُم عن الدنيا وليكن إفطارك فيها على الموت ، وقال له محمد بن كعب إن أردت النجاة من عذاب الله فليكن كبير المسلمين لك أباً وأوسطهم لك أخاً وأصغرهم لك ولداً فبرَّ أباك وارحم أخاك وتحنن على ولدك ، وقال له رجاء بن حيوة : إن أردت النجاة غداً من عذاب الله فأحب للمسلمين ما تحب لنفسك واكره لهم ما تكره لنفسك ثم متى شئت مُت وإني لأقول لك هذا وأني أخاف عليك أشدّ الخوف يوم تزلُ الأقدام فهل معك يرحمك الله مثل هؤلاء القوم يأمرك بمثل هذا قال فبكى هارون الرشيد بُكاءً شديداً حتى غَشِيَّ عليه فقلت أرفق بأمير المؤمنين فقال يا ابن الربيع قتلته أنت وأصحابك وأرفق أنا به ثم أفاق فقال زدني فقال يا أمير المؤمنين بلغني أنّ عامِلاً لعمر بن عبدالعزيز شكا إليه السهر فكتب إليه عمر يقول : يا أخي أذكر سهر أهل النار في النار وخلود الآباد فيها فإن ذلك يطرد بك إلى ربك نائماً ويقظان وإيّاك أن تزل قدمك عن هذا السبيل فيكون آخر العهد بك ومنقطع الرجاء منك والسلام فلما قرأ كتابه طوى البلاد حتى قَدِمَ عليه فقال له عمر ما أقدمك قال خلعت قلبي بكتابك لا وليت لك ولاية أبداً حتى ألقى الله سبحانه وتعالى فبكى هارون الرشيد ، ثم قال : زدني يرحمك الله ، فقال : يا أمير المؤمنين أنّ جدك العباس رضي الله عنه عم النبي r جاءه ، فقال : يا رسول الله أمرني على إمارة . فقال له النبي r : يا عباس يا عم النبي نفس تُحييها خير من إمارة لا تحصيها إن الإمارة حسرّة وندامة يوم القيامة فإن استطعت أن لا تكون أميراً فأفعل ، فبكى هارون بكاءً شديداً ثم قال : زدني يرحمك الله ، فقال : يا حَسَن الوجهِ أنت الذي يسألك الله عز وجل يوم القيامة عن الخلق فإن استطعت أن تقِي هذا الوجه من النار فأفعل وإيّاك أن تُصبح أو تُمسي وفي قلبك غش لرعيتك . فقد قال النبي r : " مَن أصبح لهم غاشاً لم يرح رائحة الجنة " فبكى هارون بكاءً شديداً ثم قال : أعليك دَين قال نعم دَين لربي يُحاسبني عليه فالويل لي إن سألني والويُل لي إن لم يلهمني حجتي ، فقال هارون : إنما أعني دَينَ العباد فقال إن ربي لم يأمرني بهذا وإنما أمرني أن أصدق وعده وأطيع أمره ، فقال تعالى : " وما خلقتُ الإنس والجن إلا ليعبدون ما أُريد منهم مِن رزقٍ وما أريدُ أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوّة المتين " فقال له الرشيد : هذه ألف دينار خُذها فأنفقها على عيالكِ وتقَّ بها على عبادة ربّك . فقال فضيل سبحان الله أنا أدلك على النجاة وتُكافئني بمثل هذا سلّمك الله ، ثم صمت فلم يكلما فخرجنا من عنده فقال لي الرشيد : إذا دللتني على رجُلٍ فدلني على مثل هذا فإنّ هذا سيّد المؤمنين اليوم .

ويروى أن امرأة من نسائه دخلت عليه فقالت : يا هذا قد ترى ما نحن فيه من ضيق الحال فلو قبلت هذا المال لأنفرجنا به ، فقال : إن مثلي ومثلك كمثل قوم كان لهم بعير يأكلون من كسبه فلما كبُر نحروه وأكلوا لحمه ، موتوا يا أهلي جوعاً ولا تنحروا فضيلاً . فلما سمع الرشيد ذلك قال : أدخل بنا فعسى أن يقبل المال ، قال : فدخلنا فلما عَلِمَ بنا الفضيل خرج فجلس على السطح فوق التراب فجاء هارون فجلس إلى جنبه فكلمه فلم يرد عليه فبينما نحن كذلك إذ خرجت جارية سوداء فقالت له : يا هذا قد أذيت الشيخ منذ أتيته فأنصرف يرحمُك الله راشداً ، فانصرفنا . ,قال القاضي ابن خِلّكان في ترجمة الفضي رحمه الله : فبلغ ذلك سفيان بن عُيينة فجاء إليه وقال له : يا أبا علي قد أخطأت في ردَّك البدرة (الألف دينار ) ألا أخذتها وصرفتها في وجوه البَّرِ فأخذ بلحيته وقال : يا أبا محمد أنت فقيهُ البلد والمنظور إليه وتغلط مثل هذا الغلط لو طابت لأولئك لطابت لي .


يتبع









عرض البوم صور دلوعة   رد مع اقتباس
قديم 12-19-2009, 01:52 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية دلوعة


البيانات
التسجيل: Sep 2009
العضوية: 1743
المشاركات: 1,545 [+]
بمعدل : 0.29 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم:
نقاط التقييم: 10

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
دلوعة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دلوعة المنتدى : الابل

اغلفة فيس بوك

مـن الأمثـــال :

واستشهد كمال الدين الدميري بأمثال عربية عن البعير والجَمَل في الجزء الأول من كتابه نحو قولهم فيها : " أخف حلماً من بعير " . وقالوا : " هما كركبتي بعير " إشارة إلى الاستواء . كما قالوا " هُما كفرسي رِهان " . والمثل لهرم بن قطية الفزاري . وقالوا : " كالحادي وليس له بعير " يضرب للمتشبع بما لم يعط وأحسن من هذا وأوجز قوله r : " المُتشبع بما لم يُعطَ كلابس ثوبي زُور " . وقال بعض المُعمرين :

أصبحتُ لا أحمل السـلاح ولا

أملكُ رأس البعيــر إذ نَفَــرا

والذئبُ أخشـاه إنْ مررتُ بـه

وحدي وأخشـى الرياحَ والمَطـرا

مـن بعـد ما قـوة أُصيبُ بهـا

أصبحتُ شيخـاً أعالجُ الكِبَـرا

أو قولهم : " الجمل من جوفه يجتر " ، يضرب لمن يأكل من كسبه أو ينتفع بشيءٍ يعود عيه منه ضرر . وقالوا وقع القوم في سلي جَمَل ، يضرب لمن بلغ في الشدّة منتهى غاياتها كما قالوا بلغ السكن العظم وذلك أنّ الجمل لا يكون له سلي فأرادوا أنّهم وقعوا في أمرٍ صعب والسلي الجلدَة الرقيقة التي يكون فيها الولد من المواشي إن نُزعت عن وجه الفصيل ساعة ما يولد وإلاّ قتلته وهذا كقولهم أعزُ من الأبلق العقوق . وقالوا الثمر في البئر وعلى ظهر الجمل ، وأصله أنّ مُنادياً كان في الجاهلية يقف على أطم (صخرة ) من آطام المدينة حين يدرك الثمر ينادي بذلك أي من سقي ماء البئر على ظهر الجمل بالسانية وجد عاقبة سقيه في ثمره وهذا قريب من قولهم : عند الصباح يُحمد القوم السرى ، وقريب من قول الشاعر :

إذا أنتَ لم تــزرع وأبصـرت حاصِـداً

ندمت على التفريط في زمـن الـزرعِ

أو قـول الآخــر :

تســألني أم الوليـد جَمَــلاً

يمشـي رويـداً ويكـون أولا

وختم الدميري قوله عن البِكر بالحديث : جاءت هوازن على بكرة أبيها ، وقالوا جاءوا على بكرة أبيهم يصفونهم بالقلّة أي جاءوا بحيث تحملهم بكرة أبيهم قلتُ وأصلة : أن قوماً قتلوا وحملوا على بكرة أبيهم فقيل فيهم ذلك فصار مثلاً لقوم جاءوا مجتمعين . وقال أبو عبيدة : معناهُ ، جاءوا بعضهم في اثر بعض كدوران البَكرة على نسق واحد وقال قوم أراد بالبكرة الطريقة أراد أنهم جاءوا على طريقة أبيهم أي يقتفون أثره وقيل هو ذمٌ ووصفٌ بالقلة والذلّة أي يكفيهم للركوب بكرة واحدة ، وحكمه وخواصه وتعبيره كالإبل .

المــرأة والحَسَــن :

ونقل الدميري حكاية عن الإمام ابن الجوزي التي أوردها عن الأذكياء فقال : رُويَّ أنّ الحسن بن هانئ الشعير بابي نواس قال استقبلتني امرأة في هودج على بعير ولم تكن تعرفني فأسفرت عن وجهها فإذا هو في غاية الحُسن والجَمال فقالت : ما أسمُك ؟ فقلت : وجهك ، فقالت : الحَسَن !

البكر الفتـى من الإبـل :

كذلك عرّج الدميري في كتابه ليحدثنا عن أنواع وتسميات الإبل التي عرفها العرب فقال : البِكر : الفتى من الإبل ، والأنثى بكرة والجمع بكار مثل فرخ وفراخ وقد يجمع في القلّة على أبكُر قال أبو عبيدة : البِكر من الإبل بمنزلة الفتى من الناس ، والبركة بمنزلة الفتاة ، والقلوص بمنزلة الجارية ، والبعير بمنزلة الإنسان ، والجمل بمنزلة الرجل ، والناقة بمنزلة المرأة . روي مسلم عن أبي رافع أنّ النبي r استلف من رجل بِكراً فلما جاءت ابل الصدقة أمرني أن أقضي الرجل بِكراً فقلت لم أجد في الإبل إلاّ جَمَلاً خياراً رُباعياً فقال r : أعطِه فإن خياركم أحسنكم قضاءً " . وري العرباض بن سارية رشي الله عنه قال بعتُ من رسول الله r بِكراً فجئتُ أتقاضاهُ فقلتُ : يا رسول الله أقضني ثمن بكري قال : نعم ثم قضاني فأحسن قضائي ثم جاءه أعرابيّ فقال : يا رسول الله أقضني بكرى فقضاهُ بعيراً مسناً فقال : يا رسول الله هذا أفضل من بِكري فقال r : هو لك إن خيّرَ القوم خيرهم قضاء " . وعن ابن عبّاس رشي الله عنهما قال : حجّ رسول الله r فلما أتى وادي عسفان قال : يا أبّا بكرٍ أيّ وادٍ هذا قال وادي عسفان قال رسول الله r : " لقد مرّ بهذا الوادي نوح وهود وإبراهيم على بكرات لهم حُمر خطمهم الليف وأزرهم العباء وأرديتهم النِمار يحجون البيت العتيق " .

الأعــرابي والنـاقـة :

ومن الحكايات الأخرى لكمال الدين الدميري مارواه عن أبي هريرة رضي الله عنه بأن أعرابياً أهدى لرسول الله r ناقة فعّـوضه منها سـت بكرات فتسخطها فبلغ ذلك النبي r فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : " أنّ فلاناً أهدى إلىَّ ناقة فعوّضته منها ست بكرات فظل ساخطاً لقد هممتُ أن لا أقبل هدية إلاّ من قرشيّ أو أنصاريّ أو ثقفيّ أو دوسيّ " . وفي حديث علي رضي الله عنه صدقني سن بكره وهو مثل تضربه العرب للصادق في خبره ويقوله الإنسان على نفسه وإن كان ضاراً لهُ . وأصلُه أنّ رجُلاً ساوم رجلاً في بكر يشتريه فسأل صاحبه عن سنِه فأخبره بالحق فقال المشتري صدقني سن بكره. وعن مولى لعثمان قال بينما أنا مع عثمان بن عفان رضي الله عنه في يوم صائف إذ رأى رجُلاً يسوق بكرين وعلى الأرض مثل الفراش من الحرَّ فقال ما على هذا لو أقام بالمدينة حتى يبرد ثم يروح فدنا الرجل فقال : انظر فنظرت فإذا هو عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فقلت هذا أمير المؤمنين فقام عثمان بن عفان رضي الله عنه فأخرج رأسه من الباب فآذاهُ نفخ السموم فأعاد رأسه حتى إذا حاذاهُ قال : ما أخرجك في هذه الساعة قال : بكرتن من ابل الصدقة تخلفا وقد مضى بإبل الصدقة فأردتُ أن ألحقهما بالحِمَى خشية أن يضيعا فيسألني الله عنهما فقال عثمان : هلُّم إلى الماء والظل فقال : عُد إلى ظِلِكَ فقال : عندنا مِن يكفيك فقال : عُد إلى ظِلِكَ ثم مضى فقال عثمان : مَن أحبَّ أن ينظر إلى القوي الأمين فلينظر إلى هذا ( يقصد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ) .

الجَمَـل والبكــر :

خصص صاحب حياة الحيوان الكبرى للجَمَل نصيباً وافراً من الحديث عنه بقوله : الجَمَل الذَكَر من الإبل قال الفرّاء هو زوج الناقة ، وقال ابن مسعود لما سُئِل عن الجَمَل كأنه استجهل مَن سألهُ عمّا يعرفه الناس جميعاً. وجمعُ الجَمَل جِمال وأجمال وجمائل وجمالات قال الله تعالى : " كـأنه جَمالات صُفر " . قال أكثر المفسرين هي جمعُ جِمال على تصحيح البناء كرجال ورجالات. وقال ابن عباس : الجِمالات قطع النحاس العِظام وإنما يُسمى البعير جَمَلاً إذا أربـع .

وختم الدميري حديثه عن البكر بالحديث : جاءت هوازن على بكرة أبيها ، وقالوا جاءوا على بكرة أبيهم يصفونهم بالقلّة أي جاءوا بحيث تحملهم بكرة أبيهم قلتُ وأصله : أنّ قوماً قتلوا وحملوا على بكرة أبيهم فقيل فيهم ذلك فصار مثلاً لقوم جاءوا مجتمعين . وقال أبو عبيدة معناهُ ، جاءوا بعضهم في اثر بعض كدوران البَكرة على نسق واحد وقال قوم أراد بالبكرة الطريقة أراد أنهم جاءوا على طريقة أبيهم أي يقتفون أثره وقيل هو ذمٌّ ووصفٌ بالقلّة والذلة أي يكفيهم للركوب بكرة واحدة ، وحكمه وخواصه وتعبيره كالإبل .

وقرأ بن عبّاس ومجاهد الجمل بضم الجيم وتشديد الميم ( الجُمّل ) وفسر بحبل السفينة الغليظ وسم الخياط هو بخش الإبرة أي ثقبها وقد ألغّز فيها الشاعر فقـال :

سَعَتْ ذات سم في قميصي فغادرت

به أثراً والله يشفي من السُّمِ

كسَت قيصرا ثوب الجُمّال وتُبعـاً

وكِسرى وعادت وهي عـارية الجسـمِ


يتبع












عرض البوم صور دلوعة   رد مع اقتباس
قديم 12-19-2009, 01:53 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية دلوعة


البيانات
التسجيل: Sep 2009
العضوية: 1743
المشاركات: 1,545 [+]
بمعدل : 0.29 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم:
نقاط التقييم: 10

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
دلوعة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دلوعة المنتدى : الابل

اغلفة فيس بوك

مـن الكُنـــى :

وذكر الدميري عدداً من كُنى الجَمَل في صفحات كتابه حياة الحيوان الكبرى فكُنية الجَمَل أبو أيوب وأبو صفوان وفي حديث أو زرع زوجي لحم جَمَل غث على رأس جبل وعر ، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنّ النبيّ r أهدى عام الحديبية في هداياه جَمَلاً كان لأبي جهل بن هِشام في أنفه بُـرّة (حبة قمح ) من فضة يغيظ بذلك المشركين . وعن العرباض بن سارية قال : " وعظنا رسول الله r موعظة ذرقت منها العيون ووجلت منها القلوب فقلنا يا رسول الله هذه موعظة مُودَّع فما تعهد إلينا فقال r : قد تركتم على بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلاّ هالِك ومَن يَعِش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بما عرفتم مِن سُنتي وسُنّة الخلفاء الراشدين من بعدي عُضُّوا عليها بالنواخذ وإيّاكم ومُحدثات الأمور فإنّ كلّ مُحدثة بدعة وكلّ بدعة ضلالة وعليكم بالطاعة وإن كان عبداً حبشيّاً فإنما المؤمنُ كالجَمَلِ الأنف حيثما قُيَّدَ انقـاد والأنف الجَمَل المخزوم الأنف الذي لا يمتنع على قائدِه " ، وقيل الأنف الذلول. وعن أبي هريرة أنّه r قال : " إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك الجَمَل وليضع يديه ثم ركبتيه " . وعن جابر بن عبيد الله رضي الله عنه أنّه كان مع النبيّ r على جَمَل فأعيا فنخسه النبيّ r ودعا له وقال : أركب فركب ، فكان أمام القوم قال فقال لي النبيّ r كيف ترى بعيرك فقلت قد أصابته بركتك قال أفتبيعنيه فاستحييت ولم يكن لي ناضح غيره فقلت نعم فما زال r يريدني ويقول والله يغفر لك حتى بعته بأوقية من ذهب على أنّ لي ركوبه حتى أبلغ المدينة فلما بلغتها قال r لبلال أعطه الثمن وزده ثم ردّ r عليّ الجَمَل .

في ذات الرقـاع :

وقال جابر رضيّ الله عنه : خرجنا من النبيّ r في غزوة ذات الرقاع حتى إذا كُنّـا بحرة وأقم إذ أقبل جَمَل يرقل حتى دنا من النبي r فجعل يرغو على هامته فقال رسول الله r : "إنّ هذا الجَمَل يستعديني على صاحبه يزعم أنه كان يحرث عليه منذ سنين حتى إذا أعجزه وأعجفه وكبُر سِنّهُ أراد نحره اذهب يا جابر إلى صاحبه فائتِ به "،قلتُ : ما أعرفه فقال: إنّه سيدلك عليه قال فخرج الجَمَل بين يديّ مُعنقاً حتى وقف بي في مجلس بني خطمة فقلت : أين ربّ هذا الجَمَل ، فقالوا : هذا لفلان بن فلان. فجئته فقلت له : أجب رسول الله r ، فخرج معي حتى جاء رسول الله r فقال r : إنّ جَمَلك يزعم أنك حرثت عليه زماناً حتى إذا أعجزته وأعجفته وكِبُرَ سِنه أردت أن تنحره ، فقال : والذي بعثك بالحقَّ إن ذلك لكذلك فقال r : ما هكذا جزاء المملوك الصالح ثم قال r : تبيعه ، قال : نعم . فابتاعه منه ثم أرسله r في الشجر حتى نصب سنامه فكان إذا اعتلّ على بعض المهاجرين والأنصار من نواضحهم شيء أعطاه إيّاه فمكث كذلك زماناً .

جَمَـل الأعـرابي فـي البصـرة :

ومن حكايات الجَمَل الأخرى في حياة الحيوان الكبرى ، ما حكاه القشيري في رسالته عن محمد بن سعيد البصري أنّه قال : بينما أنا أمشي في بعض طرق البصرة إذ رأيت أعرابياً يسوق جَمَلاً ثم التفت فإذا الجَمَل قد وقع ميتاً ووقع الرجل القتب فمشيت قليلاً ثم ألتفتُ فإذا الأعرابي يقول يا مُسبب كلّ سبب يا مؤمل كل طلب رُدّ عليّ ما ذهب يحمل الرحل والقتب فقام الجَمَل وعليه الرحل والقتب .

الخلفـة مـن النُـوق :

وتحدث الدميري عن الخلفة من النوق ، بأنّها : الناقة الحامل وجمعها خلفات. فعن أبي هريرة رضيّ الله تعالى عنه أنّ النبيّ r قال : " أيحب أحدكم إذا رَجعَ إلى أهلهِ أن يجد فيه ثلاثُ خلفات عظام سِمَانٍ " قلنا : نعم . قال : "فثلاث آيات يقرؤهنّ أحدكم في صلاته خير له من ثلاث خلفات عِظام سِمَانٍ ". وروى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أنّ النبيّ r قال : " غزا نبي من الأنبياء ، فقال لقومه لا يتبعني رجل قد ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبني ولم يبنِ ولا أحد قد بنى بُنياناً ولم يرفع سقفها ولا أحد أشترى غنماً أو خلفاتٍ وهو ينتظر أولادها ، قال : فغزا فدنا من القرية حين صلاة العصر أو قريباً من ذلك فقال للشمس : أنتِ مأمورة وأنا مأمور اللّهم احبسها عليّ فحبست عليه حتى فتح الله عليه الحديث وهذا النبيّ هو يوشع بن نون عليه السلام ".

كذلك حُبست الشمسُ مرتين لنبينا r إحداهما يوم الخندق حين شُغلوا عن صلاة العصر حتى غَرُبت الشمس فردّها الله تعالى عليه . والثانية صبيحة الإسراء حين انتظر العِير التي أُخبرَ بوصولها مع شروق الشمس . ومن حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنّ النبيّ r قال : " لو أخذ سبع خلفاتٍ بشحومِهِنَّ فأُلقيِن في شفير جهنم ما أنتهينَ إلى قعرها سبعين عاماً " . وقال شيخ الإسلام الإمام الذهبي : والحكمة في التمثيل بالسبع أنّ ذلك عدد أبواب جهنم . ومن حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنّ النبيّ rقال : " ألا أنّ في قتيل الخطأ وقتيل السوط والعصا مائه من الإبل مُغلظة منها أربعون خلفة في بطونها أولادها " . وقال شيخ الإسلام النووي في تهذيبه وهذا مما يستشكل لأنّ الخلفة هي التي في بطنها ولد فإن قيل فما الحكمة من قوله r في بطونها أولادها ؟ فجوابه من أربعة أوجه : أحدها أنّه توكيد وإيضاح ، والثاني أنّه تفسير لها لا قيد ، والثالث أنّه نفي لوهم أنّه يتوهم أنه يكفي في الخلفة أن تكون حملت في وقت ما ولا يُشترط حملها حالة دفعها الدَّيّـة ، والرابع أنه إيضاح لحِكمها وأنه يشترط في نفس الأمر أن تكون حاملاً ولا يكفي قول أهل الخبرة أنّها خلفة إذا تبين أنّه لم يكن في بطنها ولد. وذكر الرافعي أنّه قيل أنّ الخلفة تُطلقُ أيضاً على التي ولدت وولدها يتبعهـا .

العـود من الإبـل :

ثم تحدث الدميري في الجزء الثاني من حياة الحيوان الكبرى عن العود وهي المُسن من الإبل فقال عنها : وهو الذي قد جاوز في السنَّ البازل والخلف وجمعُهُ عودة والناقة عودة . ويقال في المثل : " زاحم بعود أودع أي استعن على أمرك بأهل السن وأهل المعرفة فإنّ رأيّ الشيخ المُسن خيرٌ من رأي الغلام ومعرفته . والعود المطافيل ، يقال لها ذلك إذا ولدت لعشرة أيام أو خمسة عشر يوماً ثم هي مِطفِل بعد والجمعُ مَطَافيل ومَطَافِل .

ومسك ختام الدميري في حديثه المُسهب عن الإبل في كتابه الموسوعي هو عن العير، والذي قال عنها بأنّها : هي الإبل التي تحمل المِيرَة ( التموين ) ، ويجوز أن تُجمع على عِيرات . وفي الحديث أنّهم كانوا يترصدون عِيرات قريش . قال تعالى : { وأسأل القرية التي كُنا فيها والعِير التي أقبلنا فيها } . قال ابن عطية القرية مصر . ثم عرض المؤلف لفائدة عن العير بقوله : " أوّل مِن قال لا في العير ولا في النفير أبو سفيان بن حرب وذلك لمّا أقبل بعير قريش وكان النبيّ r تحيَّن انصرافها من الشام فندب المسلمين للخروج معه وأقبل أبو سفيان حتى دَنَا من المدينة وقد خاف خوفاً شديداً فقال للمجد بن عمرو : هل أحسست بأحدٍ من أصحاب محمّد فقال ما رأيت أحداً أذكره إلاَّ راكبين أتيا إلى هذا المكان وأشار إلى مكان عدي وبسيس عينيّ رسول الله r فأخذ أبو سفيان أبعاراً من أبعار بعيريهما وفركها فإذا فيها نوىً فقال علائِف يثرب هذه عيون محمّد فضرب وجوه عِيرِه عن يسار بدر وقد كان بعث إلى قريش يخبرهم بما يخافه من النبيّ r فأقبلت قريش من مكة فأرسل إليهم أبو سفيان يخبرهم بأنّه قد أحرز العِيرَ ويأمرهم بالرجوع فأبت قريش أن ترجعَ ومضت إلى بدر ورجع بنو زهرة منصرفينَ إلى مكة فصادفهم أبو سفيان فقال يا بني زهرة لا في العِير ولا في النفير قالوا أنتَ أرسلت إلى قريش أن ترجع ومضت قريش إلى بدر فأظهر الله نبيّه r عليهم ولم يشهد بدراً من بني زهرة أحـد . قال الأصمعي يضرب هذا المثل للرجل يحطُ أمـره ويصغَّر قـدره .


يتبع









عرض البوم صور دلوعة   رد مع اقتباس
قديم 12-19-2009, 01:53 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية دلوعة


البيانات
التسجيل: Sep 2009
العضوية: 1743
المشاركات: 1,545 [+]
بمعدل : 0.29 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم:
نقاط التقييم: 10

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
دلوعة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دلوعة المنتدى : الابل

اغلفة فيس بوك

فـي الشـعر والأدب

كانت الإبل وما زالت ذات أثر كبير في الأدب العربي ، فقد تناول الرواة أخبارها في أشعارهم وأقوالهم وأمثالهم . فإذا كان الشعر العربي هو ديوان العرب ، فإن الإبل عمود مهم من أعمدة هذا الديوان منذ عصر الجاهلية حتى الإسلام ، وما بعده ، ولعلنا عندما ننتقي من اهتمامات فحول شعراء العربية ما تعلق بالإبل فإننا بذلك نكون قد أرجعنا السيف إلى غمـده ، والفرع إلى أصـله ، لاسيما وأن الإبل كانت محط عناية الطبقة الأولى من الشعراء العـرب .

فـي الوصـف :

لعل أجود ما قيل في وصف الإبل ، قول الشاعر العربي طرفه بن العبد في معلقتـه المشـهورة :

وإني لأمضي الهــم عند احتضاره

بعوجاء مرقال تروح وتغتـدي

أمـون كألـواح الآران نصاتهـا

على لاحـب ظهر كـأنه برجـد

وثمة أبيات شهيرة لواحد من أوسع وأشهر شعراء العصر الجاهلي وهو امرؤ القيس ، يتغنى فيها بحركة الإبل ، ويدقق في وصف الهوادج بألوانها الزاهية وحركتها في منتصف النهار ، كما يبرز ولعـه الشديد بهذا الظعن الذي ينقل محبوبته إذ يقـول :

فـدع ذا وسل الهـم عنك بحسرة

ذمـول إذا صـام النهار وهجـرا

تقطـع غيظـاناً كـأن متــونه

إذا أظهـرت تكسى مـلاء منشـرا

بعيـدة بين المنكبيـن كأنهــا

تـرى عند مجرى الضفر هـرا مشجـرا

أما الشاعر زهير بن أبي سلمى الملقب بشاعر الحكمة وسفير القول ، والمعروف بأنه من دعاة التصالح بين القبائل العربية ، فقد كانت له جملة من المواقف مع الإبل ، ونتذكر من معلقته الشهيرة مطلعهـا الذي يقول فيـه :

أمـن أم أوفـى دمنـة لم تتكلـم

بحـومــانة الـدّراج فالمتلثـــم

ونعرف بأنّ أكثر ما وصلنا من أدب العصر الجاهلي وعصر صدر الإسلام ، والعصر الأموي ، كان من الشعر ، وقد احتل شعر الناقة مساحة طيبة من الشعر الجاهلي ، نظراً للمكانة الرفيعة التي كانت تتمتع بها في نفس العربي آنذاك ويذكر بأن الأبيات التي قيلت تغزلاً في المرأة ، فمعلقة النابغة الذبياني ستون بيتاً ، يتغزل منها في ثلاثة وعشرين ويصف الناقة في ثلاثة وعشرين . ومعلقة لبيد بن ربيعه تسعة وثمانون بيتاً ، يتغزل منها في واحد وعشرين بيتاً ، ويصف الناقة في ثلاثة وثلاثين بيتاً . وظلت الناقة رفيقة الشعراء في صدر الإسلام والعصر الأموي ، وقد امتطاها كعب بن زهير إلى النبي r لينشده قصيدة " بانت سعاد " ، وقطع بها الفرزدق الفلوات بين بادية البصرة ورصافة هشام بن عبدالملك ، وبلغ من كثرة ما قال بعضهم من شعر فيها أن نسب إليها ، فالشاعر الأموي الملقب بـ0براعي الإبل ) نكاد لا نذكر اسمه الصحيح ( عبيد بن حصين ) ، وقد لقب بذلك لكثرة ما قال في وصف الناقة وتصويرها . ويقول الشاعر الأعشى في معلقته ، وهو من أجمل شعره في الناقة :

ذاك شـبهت ناقتـي عن يميـن الـ

رعـن بعـد الكـلال والإعمــال

وتـراهــا تشـكو إلى وقــدا

لـت طليحـاً تحذى صـدور النعـال

ويشد الشاعر الأعشى رحاله مرة أخرى إلى الملوك ومنهم هوذة بن علي الحنفي ، فيمدحه ، ويصف الناقة ، ويمزج وصفه بمديحـه فيقــول :

إلى هـوذة الوهـاب أهديت مدحتـي

أرجى نوالا فاضلاً من عطائكـا

تجــانف عن جـل اليمـامة ناقتـي

ومن قصـدت من أهلهـا لسوائكا

وقد تكرر في الشعر الجاهلي تشبيه السحب بجماعات النوق ، وأصواتها بالرعد المزمجر ، وكثيراً ما أبـرز الشعراء في أكوام الغيم المتلبد ، أصوات النوق العشار الحوامل وهي تحن إلى أولادها ، وفي ذلك قال الشاعر عبيد بن الأبرص :

كأن فيـه عشـاراً جـلة شـرفـا

شـعثا لهـا ميم قـد هـمت بأرشـاح

بحـا حناجرها هـدلا مشـافرهـا

تسـيم أولادها فـي قـرقـر ضـاحي

وقـال الشـاعر الأبرص أيضـاً :

تخـترق البيـد والفيــافي إذ

لاح ســهيل كـأنـه قبــل

ويـل أمهـا صـاحبا يصـاحبهـا

معتسـف الأرض مقفـر جهـل

وقـال شـاعر الرسول الكريم حسـان بن ثابت رضي الله عنـه :

طـوق ابرق العـزاف يرعـد متنـه

حنيـن المثـالي نحـو صـوت المشايع

ويمضي الشاعر المرقش الأكبر بناقتـه تاركـاً خلفه الليل الطويل وموقـد النار ، وينتهـي به إلى وصف المكـان في هـدأة الليـل :

تركـت بهـا ليلاً طـويلاً ومنـزلاً

وموقـد نار لم تـرمـه القـوا بـس

وتسـمع تزقـاء من البُـوم حولنـا

كمـا ضُرِبَـت بعد الهـدوء النواقيـس

ومن جميـل قول الشـعراء في وصف الناقـة ما نظمـه الشاعر بشـامة بن العذيـر بقولـه :

كـأن يـديهـا إذا أرقـلت

وقـد حـرن ثم اهتـدين السـبيلا

يـدا سـابح خـرَّ في غمـرة

وقـد شـارف الموت إلاّ قليــلا

إذا أقبـلت قلتُ مشـحونـة

أطاعت لهـا الريـح قلعـا جفـولا

وإذا أدبـرت قلتُ مـذعـورة

مـن الربـد تتبــع هيقاً ذَمـولا

وقـول الشـاعر العبـاسي أبي تمـام الطـائي :

وبـدلها السـرى بالجهـل حلمـا

وقـد أديمهـا قـد الأديــم

بـدت كالبـدر فـي ليـلٍ بهيـم

وآبـت مثـل عرجون قديـم

نـاقـة ابن العبـــد :

ويذكر بأنّ الشاعر طرفة بن العبد هو من أكثر الشعراء صحبـة للنـاقـة حتى أنّ مشكلته مع أهله صغيراً ، وإسـرافه في اللهـو شاباً ، دفعـه إلى التغـرب في البلدان هائمـاً على وجهـه ، متنقلاً بين أحيـاء العرب ، أو قاصداً الملوك ، ولا أنيس له إلاّ ناقتـه ، فطال نظـره إليها ، ومراقبته لها وتعاطفه معها فوصفها وصفاً تفصيلياً ، وهو القائـل :

كـأن حـد وج المالكيــة غــدوة

خـلايا سفـين بالنواصف مـن دد

عدوليـة أو مـن سفـين ابن يامـن

يجـورُ بهـا المـلاح طورا ويهتـدي

يـشق حبـاب المـاء حيـزومها بهـا

كما قسـم الُّـرب المفايـل باليـد

أمـا الشاعرة الخنسـاء ، فإنهـا اتخـذت مـن الناقـة مثالاً لهـا للتعبير عن حزنها على فقـدها لشقيقها صـخر فرثتـه بقولهـا :

يـا صـخر ورّاد مـاء قـد تنـاذره

أهـل الموارد مــا في ورده عـار

فمـا عجـول على بـوًّتطيـف بـه

لهـا حنينـان : أصـغار واكبــار

أمـا شـاعر المعلقات عنترة بن شداد العبسي ، فكثيرا ما كـان يوقف ناقتـه في دار عبلـة ، ويشبهها بالبنـاء المتماسك المحكم في قـوته وعنفوانه :

فـوقفـت فيهـا ناقتـي وكـأنهـا

فـدن لاقضـي حـاجـة المتلــوم

تـأوي لـه قلص النعـام كمـا أوت

حـزق عانيـة لاعجـــم طمطـم

كمـا تُعـد ناقتـه مُلهمتـه التي توصـله إلى محبـوبتـه وابنـة عمـه فيقـول :

هـل تبلغنـي دارهـا شـدنيـة

لعـنت بمحـروم الشــراب مصـرم

خطـارة غـبّ السـري زيـافـه

تطـسُّ الآكــام بـذات خـف ميثـم

كذلك نجد في هذا السـياق ناقـة الشاعر كعب بن زهير وهي ترمز إلى الأمـل الذي تحمل من أجله ما تحمل من عناء فراق المحبوبة :

أمسـت سـعاد بأرض لا يبلغهـا

إلا العتـاق النجيبـات المراســيل

ولـن يبـلغهـا إلاّ عــذافـرة

لهـا علـى الايـن ارقـال وتبغيــل

وكلما أمعتا النظر في العلاقة بين الشاعر الجاهلي والناقة ، كلما وضح لنا أنها كانت بالنسبة إليه كالملجأ الأمين الذي يقي صاحبـه الكثير من المصاعب . لقد لامسـنا صوراً تعبيرية عديدة للناقة في هذا الشعر ، فهي مثل الباب المنيف الممرد ، وبيوت الوحش في أصول الشجر ، وجناحيّ النسر ، والسقف المُسند ، والظهر العالي والكهف ، حيث وصف الشاعر طرفة بن العبد الناقة وصفاً إجمالياً من حيث قوتها وسرعتها وضخامتها ، كما تناول يديهـا بالوصف ، وأنّ رأسها عظيم سـامق قوي كسندان الحداد ، وعنقها كسُـكان السفينة يدفعها ويبطئ بها ويسرع ، أما خدّها فصقيل كقرطاس ، ووصف عينيها فجعلهما مرآتين في بريقهما ولمعانهما .

الشاعر الحطيئة ، لا يقل عن شعراء الجاهلية السابقين أسـلوباً ودقـة في الوصف ، وجزالة في اللفـظ ، ورصانة في المعنى ، فقد تناول الناقة في شعره ، وتحدث عن صفاته وألقابها ، فوصف جيدها وجعلها ظبية ترعى في شجر الصحـراء :

وان غضبت خلـت بالمشــفريـ

ن سـبائح قطـن وبرســا نسـلا

وتحـدو يـديهـا زحـول الخطـا

أمـرهمـا العصـب مـرا شــمالا

وهـذا الشمّاخ الشاعر المخضرم والذي تفـنن في المـدح والهجاء ، إلى الحد الذي هجا فيه عشيرته وأضيافه وقـد قال في ناقـته :

وعوجـاء مجـذام وأمـر صـريمـة

تركت بهـا الشك الذي هـو عاجـز

وظللت بأعـراف كـان عيـونهـا

إلى الشمس هـل تدنـوزكى النواكـز

وهجا الشـمّاخ الربيع بن علياء السلمي ، لأن ربيعاً أساء وتكبر وقال الهجـر والفحش ، لما رعى الإبل والظاهر أنها كانت ملكـا له وقـال :

نبـئت أنّ ربيـعاً إن رعـى إبـلا

يهـدي إلى خنــاه ثـانـي الجيـد

ومدح أبو أُمامة غيـاث بن غوث التغلبي الملقب بالأخطل ، في إحدى قصائده يزيد بن معاوية ، وقد بدأ قصيدته بمقدمة غزليـة ذكـر فيها محبوبته سلمى ومرابعهـا ، التي طوّحت بها رحلة بعيـدة ، وكان يفكر في السبيل الذي يوصله إليها ، ولم يجد سوى (ناقته )، الموصوفة بصفات يستطيع بها أن يقطـع الفيافي ، كونهـا قوية ، حـادة العين وقال :

بحـرة كأتـان الفحـل أضمـرهـا

بعـد الربـالة ترحـالى وتسـيارى

أخت الفـلاة إذا اشـتدت معـاقـدها

زلت قـوى النسـع عن كبـداء مسيار

ويقـول الأخطـل أيضـاً :

كأنهـا بـرج رومـي يشــيده

لـزبـجـص واجــر وأحجـــار

أو مقفـر خاضـب الأظــلاف جـادلـه

غيـث تظـاهـر فـي ميثـاء مبكــار

قـد بـات فـي ظـل ارطــاه تكفئـه

ريـح شـــاميـة هـبت بأمطـــار

يجـــول ليـلتـه والعيـن تضـربـه

منهـا بغـيث اجـسّ الرعــد تيـــار

وللشاعر التغلبي عمرو بن شـبيم الملقب بالقطامي ، لاميـة شـائقة ، افـرد جـزءاً منهـا لوصف الإبل ، ومن جملة ما أورده القرشي ويخص الإبل قـولـه :

أضحت عليـه يهتــاج الفـؤاد لهـا

وللرواســم فيمـا دونهـا عمـــل

حتـى تـرى الحـرة الوجنـاء لاغبـة

والارحبـى الذي في خطـوه حطـــل

خوصـا تديـر عيونا مـاؤها سـرب

عـلى الخدود إذا مـا اغـرورق المقــل

لو اغب الطـرف منقوبـا محاجـرها

كأنهــا قلـب عـاديـة مكـــل

يمشـين رهواً فـلا الإعجـاز خـاذلة

ولا الصـدور على الإعجـاز تتكــل

عُـرِفَ الشاعر الطرماح بن حكيم بن الحكيم والمكنى أبا نفـر وأبا ضبيـة بطول قامتـه ، وعشقه للإبل ، وكثيرا ما كان يتغزل بناقته ، بعد أن يمـزج قصيدته بالغزل والموعظة ، وله قصيدة ضادية خلص فيها إلى وصـف ناقتـه ، وصفاً بديعـاً بليغاً فيقـول :

فهـي قــوداء أنفجـت عضـداهـا

عـن زحـالـيف صـفصـف ذي دحـاض

عوسـرانية إذا انتقــض الخـمــ

س نطـــاف الفضـيض أي انتقـــاض

صـنتـع الحـاجبيـن خرطـة البقـ

ـل بديــا قبــل اســتكال الريـاض


يتبع










عرض البوم صور دلوعة   رد مع اقتباس
قديم 12-19-2009, 01:54 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية دلوعة


البيانات
التسجيل: Sep 2009
العضوية: 1743
المشاركات: 1,545 [+]
بمعدل : 0.29 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم:
نقاط التقييم: 10

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
دلوعة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دلوعة المنتدى : الابل

اغلفة فيس بوك

مـع رحــلات الإبــل :

ويذكـر بأن الشعراء غالباً ما كانوا يتتبعـون الإبـل في رحـلاتها عبر الصحـراء : " ثم يدفع الشعراء الإبل أمامهم ، ويندفعون وراءها ، يتتبعـون رحلتها عبـر الصحراء الواسعة ، وما تجتـاز من جبال ووديان وآبار وأشجار وكثبان ومياه ، وما تتنكب عن يمين وشمـال من مواقـع ، ويسرف الشعراء كثيراً في تتبع رحلة الظعن ، وكأنمـا كانوا شـهوداً لهـا حقيقـة " .

ويقـول في ذلك شاعر المعلقات زهير بن أبي سلمى :

ردّ القيـان جمـال الحـيَّ فاحتمـلوا

إلى الظهيـرة أمـر بينهـم لبـك

مـا إن يكـاد يخليهـم لوجهتهـم

تخـالج الأمـر أنّ الأمـر مشـترك

يغشـى الحداة بهـم حرّ الكثيب كما

يغشـى السَفائن موج اللجّـة العَرِك

ومن المناظر الحضارية التي لفتت انتبـاه الشعراء الجاهليين ، منظر السفن السابحة في لُجّـة البحـر ، التي شبهوا بها ظعنهم ونوقهـم السابحة على صفحة الرمال ، وتصوروا في بعض الأحيان الإبل سُـفناً حقيقية فسموا البختي من الإبل أو ولده (الصرصور) ، وهو نوع من السفن معروف ، وسموا الناقة الطويلة العنق ( الشراعية ) ، والشراعية هي السفينة ذات الشراع وأطلقوا على الناقة التي عطفت على ولد واحد اسم (الخلية ) ، وهي السفينة العظيمة التي يتبعها زورق . وترجمة لهـذا أشـعار كثيرة سمت الناقـة بسفينة البّـر ، كقولهـم :

رحلـن لشــقة ونصـبن نصـبا

لواغـرات الهـواجر والسـموم

فكـن سـفينها وضـربن جـأشـا

لخمـس في مـأججــة أزوم

كما سموا عنـق الناقـة شراعاً على نحـو ما هو موجود في شعر المسيب بن علـس :

وكـان غـاربهـا ربـاوة مخـرم

وتمـدثنـي جديلهــا بشـراع

ونجد الإبل قد جاءت في المرتبـة الثانية بعد الخيل في أهميتها الحربيـة ، وفي الشعر الجاهلي ثمـة أحاديث كثيرة حول الإبل وقيمتها في المواجهة والدفاع عن القبيلة ومراقبة المغيرين ، فمن على ظهورهـا كانوا يرصدون الأعـداء . وقد أنشد عميرة بن طارق في هذا الموضع :

ولمـا رأيت القـوم جـد نفيـرهم

دعـوت بمنـى محـرزاً والمثـلمـا

وأعـرض عنـي قعنـب وكأنمـا

يـرى أهـل ودّ من صداء وسـلهما

فكلفـت ما عنـدي من الهـم ناقتـي

مخـافـة يـوم أن ألام وانــدما

ولما كانت الإبل لا تصلح كثيراً لِقِراعِ الأبطال ، ولا تُحسن الكـرّ والفـرّ ، لأنها ثقيلات الأجسام ، يجفلنّ من قعقعة السـلاح ، فقد كانت في الغالب ترافق المحاربين تخفيفـاً عن الخيل وحفظاً لقـواها ، وقد قال الربيـع بن زياد :

أفبعـد مقـتل مـالك بمضـيعـة

ترجـو النسـاء عواقب الأطهـار

مـا أن أرى من بعـد مقتـل مالك

إلا المطـي تشــد بـالاكــوار

ومجنبــات مـا يذقـن عـذوفـة

يمصـعن بالمهــرات والألمهــار


ديّــات بـاهظــة :

وهناك قصص وردت وتحدثت عن الإبل ، وجعلها ( دِيَّـة ) لأسـرى الحرب والقتلى ، وقيل إن أكبر قيمـة دفعت في فداء أسير أيام الجاهلية هي ثلاثمـائة بعير دفعتها أم بسطام بن عبدالله فداءً لابنهـا ، وفي ذلك يقول شاعر بنـي سـعد :

ومنـا رئيـس القـوم ليـلة ادلجـوا

بهـوذة مقـرون اليـدين إلى المنحـر

وردنـا منـه نخـل اليمـامة عانيـا

عليـه وثـاق القـد والحلق الســمر

وقال قيس بن العيزارة عندما أسّـرته قبيلة (فهـم) ، وأخذ سلاحه تأبط شراً ، يفدي نفسـه بالإبل والشاه ، فلم يقبلوا إلا بناقتـه النجيبـة (البلهاء ) ، العزيزة على قلبـه فقـال :

قلت لهـم شـاء رغيـب وجـامـل

فكلكـم مـن ذلك المـال شــابع

وقـالوا لنـا البلهـاء أول ســؤلة

وأعراسـها ، والله عني يــدافــع

ويصـدق (شعل) من فـدائـي بكـرة

كأنّك تعطـي من قـلاص ابن جـامع

وعندما قتلت مراد قيسـاً الكندي ، خرج ابنـه الأشعث ثـائراً بأبيـه ، فأُسِـرَ وفدى بألف بعيـر ، وقيل بإلفي بعير ، وألف من الهدايا والطّرف ، فقـال :

وهـم قتـلوا بـذات الجــار قيســا

وأشـعث سـلسـلوا فـي غير عقـد

أتـانـا ثـائــرا بـابيــه قيــس

فاهـلك جيــش ذلكـم السـغمد

فكـان فـــداؤه الفــي بعيــر

والفـا مـن طـريفــات وتلــد

ويمكننـا القـول بأنّ ما جـاء من شـعر الحـرب في الإبل قليـل بالنسـبة لما قبـل في الخيل ، لكن هذا القليل استوعب كل ما يتصل بالإبل من حيث دورهـا في حروب الجاهلين ، فقـد صوروهـا هدف المغيرين ومقصـدهم ومن أجلها بذلوا أرواحهم رخيصة ، ودافعوا عن حمـى القبيلة ، وصـدّوا المعتدين وجنبـوا بها الخيل وحملوا على ظهورها الرجال والسلاح والمتاع ، واستعانوا بها أحيانـاً في المعركـة وكثيراً ما كانوا يعقـدون الصلة بين الفارس المغامر وبين الحـرب المدمـرة والناقـة السيئة الطباع ، وما أن تنتهـي المعركـة حتى تنهـي الإبل النزاع فيفدون بها الأسرى ويدوّن بهـا القتـلى .

وغالباً ما توحي بعض الأشعار من أنّ العـرب كانوا يحاربون على ظهور الإبل ، ولذلك استعاروا للحرب صورة الناقـة الضروس العضوض التي لا تلد غير الذكور والكثيرة التناسـل ، كما وجدوا في الفارس الذي يكر على الأعداء شـبيها بالفحل الظامئ إلى المـاء ، ودم الطعنـة المتفجر من الجرح يشبه بانزاع المخاض الضوارب ، وما أن تنتهي المعركة حتى تقوم الإبل بدور المصلح ، فيفدون بها الأسرى ويدوّن بها القتلى ، وكثيرا ما ينتـزع الشعراء من طـبائع الإبل العنيـفة صورا يشـبهون بها أنفسهم وأعـداءهم أثنـاء الحروب ، فهم يمشون إلى الحرب غير مبالين بأخطارها ، ويسمون إليها سـمو الجمل في تطـاوله ورفعـة عنقه ويقول الشاعر في هذا المقام:

إذا ســتنزلوا عنهـن للطعـن ارقـلوا

إلى المـوت ارقـال الجمـال المصـاعب

رجـال متـى يدعـوا إلى المـوت يرقلوا

إليـه كـأرقـال الجمــال المصـاعب

وقـال الشاعر عمرو بن قميئـة حول كيف كان الشعراء يلبون نـداء الحرب على ظهور الإبـل النجيبـة :

وحـيّ من الأحيـاء عـود عـرمــرم

مـدل فلا يخشـون مـن غيب اخيـاف

سـمونا لهـم مـن أرضنـا وسـمائنـا

نغـاورهـم مـن بعـد أرض بايجـاف

علـى كـل معـرن وذات خــزامة

مصـاعيب لم يذللـن قبـلي بتـوقـافِ

كما تـدلّ الأبيـات التي قالهـا الشاعر ثمـامة بن عـارم على أن المقاتلين كانوا يواجهـون أعداءهم على ظهور الإبـل ، وكانوا يكرون بهـا ويفـرون ، تمـاماً مثلمـا يفعلون وهـم على ظهـور الخيـل :

رددتُ لضـبة أمــوالَهــا

وكـادتْ بــلادُهـم تُسـتلبْ

بكـرّ المطــيّ وانعــابـه

وبالكــورِ اركبــه وبالقَـتب

لقد تعلق الإنسـان الجاهلي في حيـاته بظـاهـرتين هامتين همـا : المطـر والإبـل ، لأنّ طبيعـة الحيـاة الرعـوية فرضت عليه تقديرهما ، ولان الصـحراء الظامئـة لا يطفئ عطشها إلا المطر ، والحناجـر الجافة لا ترتوي إلا بلبن الناقـة ، ولان الناقـة تشـتاق للمطر وتفـرح به ، ولان رحـلات الصحراء والهجرات المتوالية كانت – في أغلبها – بحثـا عن الماء والمرعى .

وصـور الشعر الجاهلي شوق الإبل إلى المطـر وفرحها به ، فهي لذلك تشـيم (تقدير أين موقع البرق) ، البرق وتتعرف على مسقط الغيث وتنـزع إليه ، وقال الشاعر الطفيل الغنـوي واصفا ذلك :

ظعـائن أبـرقـن الخـريف وشـمنه وخفـن الهمــام أن تقـاد قنـابلـه

علـى اثر حيّ لا يرى النجـم طالعـا مـن الليـل إلا وهـو بـاد منـازلـه

ومـن جميـل قـول الشـعراء في وصـف النـاقـة مـا قـالـه الشـاعر بشـامة بن العـذير :

كـأنّ يديهـــا إذا أرقـلت

وقـد حـرن ثـم اهتـدين السـبيلا

يـدا سـابح خـرَّ فـي غمـرة

وقـد شــارف المـوت إلاّ قليـلا

إذا أقبلـت قلـتُ مشـحونـة

أطـاعت لهـا الريـح قلعـا جفـولا

وأن أدبـرت قلـت مـذعـورة

مـن الـرّبـد تتبـع هيقـا ذمـولا

أمـا كيف تأتّـي للشعراء كل هذا الزخم والإلهـام في وصف الإبـل ، وتضمينها في قصائدهم بجملة الخصال والأوصاف التي أوردنـاها في سياق هذا الباب ، فإنّ الشعراء كانوا يعيشون مع قبـائلهم وبين جنبـات أوطـانهم حيث المراعي والآبـار ، وعرفوا عن كثب ، بل عن ممارسة وطول خبرة الكثير عن حياة الإبل ، كما أنّهم عرفوا كل المجالات التي أدت فيها هذه الحيوانات التراثية الحساسة دوراً ونفعاً في حياة العربي من ركوب وحمل ولبن ولحم ودفء وجَمال معـاناة في المـفاوز والقفار ، وهجير الصحراء ولفحها ودفع الديّات وحقن الدمـاء وتزويج الشباب وزفـة العروس والظعائن المرتحلات وجلب الماء من الآبار وصيد الوحش والغزلان مما تزخر به حياة العربي في صحرائه الغنيـة بالخيـال الخصب والشاعرية النادرة ، وقد فتحت لهم هذه الصحراء نوافذ مشـرعة وفضاءات جميلة كي يبدعوا في وصفهم للنـاقة ، فإذا تناولوا موضـوعاً يصفـونه ألمـوا بجميـع أجزائه وجمعوا كل عناصره ، لا يكادون أن يذروا منها شيئاً ، وتسللوا إلى كل المعاني البديعـة خفياً أو ظاهراً ، ومن مجموع الدقائق والأجزاء كونوا له صورة واضحة المعالم ، وكانت كل كلمة أو معنى تضيف مَعلماً من مَعَالِم الصـورة ، ويختارون الألفاظ الدّالة حتى ينظر إلى الصورة وقد بدت ألوانهـا وحركاتها ، ويظهـر هذا في ما عرضنـاه من شعر لاسيما ما قاله شاعر المعلقات طرفة بن العبد في ناقتـه الأثيـرة ، فقد وصفها بالسرعة والقوة والأمـان والضخامة والاحتمـاء بها ، والمتانة كالجمل ووثاقـة الخلق واكتناز اللحم ، والطول كالنعـامة ، وهي زعراء ، ربداء ، تصلح للسباق فتباري عتـاق النـوق ، وهي ناقـة توافر لها الربيع النامي ، والحدائق الخضراء ، فكان ذلك سبب سمنها وضخامتها وألا يعتريها الخـلاء والحران ، وتستجيب بسرعة لصوت الداعي وتأتمـر بأمر الزاجر . كما تناول ابن العبد أذنيها فجعل إحساسهما قوياً تتسـمعان الهمس ، وتحسـان الخطر ، وعينـاها محددتان كالحربـة ، ومن ينظر إليها سيعرف على الفور كرم أصلها ونجابتهـا. وقال الشاعر أبو ذؤيب الهذلي وهو أحد الشعراء المخضرمين الذين عاشوا في الجاهلية وفي الإسـلام في الناقـة :

تغـدو بـه خـوصــاء جريهــا حـلق الرحـالـة فهــي رخـو تمـزع

ووصف الشاعر الأخطل سـلوك ناقتـه عندما يخفيهـا ويعقبهـا بســوطه قائـلاً :

إذا عاقبتهـا الكـف بالسـوط راوحت علـى الابـن والتبغيــل بالخطــران

بـذي خصـل سـبط العسـيب كأنه علـى الحـاذ والانسـاء غصـن أهــان

كـان مقيهــا إذا مـا تحــدرا علـى واضــح مـن ليتهـا وشــلان

أمـا ناقـة الشاعر الحارث بن حِلِـزّة اليشكري فهي سريعـة كالنعامة ، وهي أم تعيش في أرض متراميـة ومرتفعـة فوق الأرض ، وهو يتلهى في الهواجر ويتخلّص من همّـه وبالسـفر ، فيقـول :

أتلهّـى بهـا الهواجـر إذ كـلـ لُ ابن هـمّ بلبـة عميـاء

ونختتم هذا الفصـل بما قـاله الشاعر مهيـار الديملي عن الإبل ويبـاعد بينها وبين الأذى بعصى الرعـاة لأنهـا إبل مكرمـة عليه ، ويكفي أن تجرّ شـأن الحرَّ الذي تكفيه الإشـارة فهي إبل كالسـادة ، فيقول وقد كتب بها إلى أبـي سعيد عبدالرحيم الذي رجع من الحج :

رعـت بيـن حاجـزوا لنعـف شـهراً

جميمـاً وعبـت شـآبيب غــزرا

مراحـاً مجلـلة عُقـلهــا

تـرى الخصب أوسـع من أن تجـرا

مكـرمة عـن عصـي الرعـاة

فـان كـان لابـد روع فـزجــرا

ولا ظعـن ثـم مرحــولة

تجـرّ الجنـوب ولا ضـيف يقــرى



ودمتم سالمين









عرض البوم صور دلوعة   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الابل , الصحراء , ذاكرة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ضعف الخصوبه في الابل وطريقة علاجها بنظام الcidr نواف المعمري امراض الابل وعلاجها وفوائدها للبشر 3 07-09-2020 10:57 AM
من ذاكرة الفروسية دلوعة عالم الفروسيه 3 02-22-2010 03:56 AM
الابل دلوعة الابل 2 12-22-2009 06:29 PM
أهم الأمراض الشائعة في الابل نواف المعمري امراض الابل وعلاجها وفوائدها للبشر 6 10-09-2009 06:51 PM
نقل الرسائل من ذاكرة الهاتف الى الذاكرة الخارجية والعكس نواف المعمري جديد الانترنت 0 03-17-2009 06:39 PM


الساعة الآن 11:38 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir