احتضنت القاعة الغربية من مكتبة الإسكندرية معرض "البرج" الذي شهد إبداعات 21 فنان وفنانة من الشباب. ويعد هذا المعرض نتاج ورشة العمل التي قام بها هؤلاء الفنانون في قصر ثقافة "برج العرب" بالإسكندرية منذ عامين، لكن المفاجئ عرض الأعمال واستضافة مكتبة الإسكندرية لها بعد أن ألغت الهيئة العامة لقصور الثقافة دعمها لهذا المشروع بعد أن ترك الفنان د. أحمد نوار رئاسة الهيئة وتولاها د. أحمد مجاهد.
قدم الفنانون أعمال مركبة وأنستيلين وفيديو آرت كل منهم حسب رؤيته الخاصة، حيث كانت فكرة الورشة وهذا المشروع من قبل الفنان د. فاروق وهبة قوميسير المعرض، حيث تفاوض بعد عامين مع مكتبة الإسكندرية لعرض أعمال الفنانين التي أنجزوها في قصر الثقافة، والتي نتج عن تركها به أتلاف أجزاء منها، مما أدى إلى إعادة العمل بها مرة أخرى قبل العرض.
قدم الفنان عادل مصطفى مساعد القوميسير عملا فيديو آرت يعرض مشاهد من الشارع المصري من زوايا متنوعة، إما من أعلى فتأتي السيارات صغيرة تسير في اتجاه معين، أو من زوايا أخرى جانبية. كما عرض في الجانب الأيمن من أرض القاعة عجلات كبيرة لسيارات وضعها بشكل عشوائي، ومن فوقها يعلق على الحائط الأسود صورا فوتوغرافية كبيرة "كولاج" تعكس صورة تلك العجلات. وفي الجانب الآخر من الغرفة يعرض الفنان على الأرض حذاء تنعكس صورته على صور فوتوغرافية للحذاء تعلق على الحائط؛ حيث يحاول الفنان التعبير عن الحركة المتوترة في المدينة.
في حين عرض الفنانين علي سعيد ومحمد صبري عملا مشتركا عبارة عن أشخاص مصنوعة من الجبس الأبيض، تبدو وكأنها أشخاصا محنطة، تتراص على الأرض السوداء بجوار بعضها البعض لتتخذ شكل مثلث رأسه في الأمام، ثم تتسع للخلف لتصل إلى قاعدة المثلث، مهتما بإظهار البعد الثالث من التشكيل في الفراغ، وعلى الحائط يكتمل هذا المثلث متجها برأسه لأعلى، ولكن باللون الأسود ومن داخله مثلث آخر باللون الأحمر.
كما عرض الفنان أحمد أبو النصر عملا عبارة عن جسد لرجل، يختفي النصف الأعلى منه ليحل محله شباكا خشبيا يحمل فيديو يقوم بعرض صور لنفس الشخص وهو يؤدي حركات توحي بنوع من المعاناة. في حين قام الفنان أحمد حسنين بعرض شجرة سقطت كل أوراقها، ومن خلفها عرض صورا فوتوغرافية عن مشاهد لبعض الأشجار.
هايدي سامي
أما الفنانة ساندي سامي فقد قامت بعمل أشكال أهرامية بأحجام مختلفة وضعتها على الأرض بشكل متناثر، وعلى الحائط الأسود قامت بعرض لوحات من المعدن تحوي تكوينات هندسية في علاقة مع أشكال عضوية، وتتدلى البلورات البيضاء من أعلى لتسقط من السقف على الغرفة كاملة وتلتصق أيضا بالحائط.
عرضت سماح عابدين عملا عبارة عن حلقات دائرية معدنية مفرغة ورقيقة ذات أحجام متنوعة، تتشابك مع بعضها البعض فوق مساحة لونية مسطحة باللون الأحمر البرتقالي، كما تنزل تلك الحلقات وتمتد لتغطي الحائط الأبيض.
وعلى الحائط المدهون باللون الأسود قام الفنان عمر بدران بعمل رسم تخطيطي وكأنه مساقط رأسية تشبه طرقا يفصلها أشكالا عضوية وكأنها أمخاخ رؤوس، ومن فوقها يضع الفنان بورتريهات مصنوعة من الجبس الأبيض مسطحة، يضعها فوق الحائط بأشكال عشوائية.
ويلعب الفنان كريم حلمي بالضوء والظل على ثلاثة لوحات قماشية؛ حيث يظهر من خلال الظل صورة شخصية للفنان نفسه مؤديا حركات جسدية مختلفة.
نرمين رمزي رسمت على الحائط الأسود تكوينات بالخطوط الملونة، التي تنعكس على الأرض البيضاء ولكن باللون الأسود. وفي زاوية من الغرفة تعرض مربعا يحمل النصف الأعلى من أجساد بشرية ملتفة بقماش، ومن حولها تشكيلات الخطوط من كل اتجاه، كما يحمل العمل أجزاء من مرايات.
أما الفنانة هايدي سامي فقامت بتكوين عناصرها الملونة في الغرفة بأشكال معينة، فتبدو وكأن العمل لوحة تجريدية مرسومة غنية بالعناصر الهندسية التي تضعها في تشكيل محكم، كما أن العمل يحتوي على أجزاء متحركة بواسطة مواتير "قاينتك آرت".
وعلى الأرض يرسم الفنان وليد قانوش دائرة كبيرة " الإشارة المرورية لممنوع الدخول" ولكن حول اللون الأحمر في العلامة الأصلية إلى اللون أزرق، ومن داخلها رسم خريطة مجردة لمصر، يتضح فيها شكل الدلتا ونهر النيل، كما تحاط هذه الدائرة بحواجز معدنية.
ومن أوراق الكرتون الأبيض يشكل الفنان يونس ناصف تكوينات هندسية على الحائط الأسود، ثم تنعكس بكثرة على الأرض الأبيض وتزدحم لتملأها، حيث يرى الفنان أن قوة الوحدة لا تكتمل إلا بمساعدة الوحدات الأخرى التي تحقق قوة كبيرة من ترابطها.
كما شارك في الورشة كل من: أحمد السمرة، أحمد عزمي، مدحت السعودي، محمد صبري، داليا برلي، رضوى زياد، هايدي سامي، محمد نبيل، آلاء مدحت، كريم حلمي، وفاطمة إبراهيم.
يقول د. فاروق وهبة قوميسير المعرض: عندما تولى د. أحمد نوار رئاسة هيئة قصور الثقافة كان لديه مشاريع للفن التشكيلي، من بينها أن يقوم بنشاط في قصر ثقافة "برج العرب" في الإسكندرية، وهو قصر بعيد ومتطرف، فأراد أن تقام فيه أفكار متطرفة أيضا، وأن ينفذ نشاط متقدم كي يجعل الأشخاص المتواجدة في هذا المكان ترى أشياء لم تراها من قبل؛ ولذلك اقترحت عليه أن نقيم ورشة عمل من 21 شاب وشابة من فنانين الإسكندرية، وبالفعل وافق على هذا المشروع ودعمته الهيئة بكل ما نحتاجه من خامات وغيره، ولكن عند افتتاح المعرض فوجئنا بأن د. نوار ترك الهيئة وجاء بعد منه د. أحمد مجاهد، الذي على ما يبدو أنه لم يعتد بالأنشطة السابقة عليه، على أساس أنه عنده توجهات أخرى، وأفكار جديدة تناسبه، وتجمد هذا الموضوع أكثر من عامين لم يعرض ولم يكتمل حتى تلف، وكان هذا بمثابة حصره للشباب ولنا جميعا أن هذا المشروع لم يستمر ولم يحقق نتائج، حتى تحدثت مع المايسترو شريف محي الدين مدير مكتبة الإسكندرية عن هذا المشروع، وسألته إذ أمكن إقامة هذا المعرض في مكتبة الإسكندرية، فوافق بكل سرور.
يواصل د. فاروق: اجتمعت مع د. مصطفى الرزاز مستشار المكتبة للفنون التشكيلية، وأطلعته على الأعمال الفيديو والأقراص المدمجة التي تحوي أعمال الشباب، فتحمس أيضا لإقامة المعرض الذي تم إعداده في أكثر من ثلاثة أشهر، وبعد ذلك همت الشباب وعملت من جديد على مشاريعهم، فأكملت ما ينقصها، وأزالت ما تلف منها، ثم نفذته من جديد حتى أصبح للمشروع شكل وروح وتوجه جديد، وتم ذلك في مركز تجميل المدينة بالمكتبة، وبعد ذلك انتقلت الأعمال إلى القاعة الغربية من المكتبة كأعمال مركبة "إنستليشن".